وذلك لا يكون إلا مع عظم جسدها وشدة قوتها. وقد حكي عن السحرة أنهم عند التلقف أيقنوا بأن ما جاء به موسى عليهالسلام ليس من مقدور البشر من وجوه :
أحدها ـ ظهور حركة العصا على وجه لا يمكن بالحيلة.
وثانيها ـ زيادة عظمها على وجه لا يتم بالحيلة.
وثالثها ـ ظهور الأعضاء عليها من العين والمنخرين والفم وغيرها ، ولا يتم ذلك بالحيلة.
ورابعها ـ تلقف جميع ما ألقوه على كثرته ، وذلك لا يتم بالحيلة.
وخامسها ـ عودها خشبة صغيرة كما كانت ، ولا يتم شيء من ذلك بالحيلة (١).
٦ ـ قوله : (إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ) فيه دلالة على أن ما مع موسى معجزة إلهية ، والذي معهم تمويهات باطلة.
٧ ـ آمن السحرة بما رأوه من المعجزة ، وعرفوا أن رب موسى وهارون هو الرب الحقيقي المستحق للعبادة ، وكان إيمانهم أرسخ من الجبال ، فهان عليهم عذاب الدنيا ، ولم يأبهوا بتهديد فرعون.
٨ ـ لم يملك فرعون إلا أن يعلن بأن موسى كبير السحرة ورئيسهم في التعليم ، وأنه إنما غلبهم لأنه أحذق منهم ؛ ليشبه على الناس ، حتى لا يتبعوهم فيؤمنوا كإيمانهم ، وإلا فقد علم فرعون أنهم لم يتعلموا من موسى ، بل قد علموا السحر قبل قدوم موسى وولادته.
٩ ـ ولجأ أخيرا إلى التهديد بالتقطيع للأيدي والأرجل من خلاف ، لتعطيل المنفعة ، وضم إليه التصليب للإذلال والإهانة ، وزاد في غيه وكفره وعناده أنه أشد عذابا وأدوم أثرا من عذاب رب موسى. وهذا إفك شديد.
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٢ / ٨٥