(وَلا تَطْغَوْا فِيهِ ، فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) أي ولا تتجاوزوا ما هو جائز إلى ما لا يجوز ، ولا تجحدوا نعمة الله فتكونوا طاغين ، ولا تأخذوا من الرزق من غير حاجة ، وتخالفوا ما أمرتكم به من البعد عن السرف والبطر وارتكاب المعاصي والاعتداء على الحقوق ، فينزل بكم غضبي ، وعقوبتي.
(وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) أي ومن ينزل به غضبي فقد شقي وهلك.
(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) أي وإني لستار وذو مغفرة شاملة لمن تاب من الذنوب ، وآمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وعمل عملا صالحا مما ندب إليه الشرع وحسنه ، ثم استقام على ذلك حتى يموت. وفي التعبير ب (ثُمَّ اهْتَدى) دلالة على وجوب الاستمرار على تلك الطريقة ؛ إذ المهتدي في الحال لا يكفيه ذلك في الفوز بالنجاة ، حتى يستمر عليه في المستقبل ، ويموت عليه ، ويؤكده قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا : رَبُّنَا اللهُ ، ثُمَّ اسْتَقامُوا) [فصلت ٤١ / ٣٠] وكلمة (ثُمَ) هنا للتراخي ، وليست لتباين المرتبتين ، بل لتباين الوقتين ، فكأنه تعالى قال : الإتيان بالتوبة والإيمان والعمل الصالح ، مما قد يحدث أحيانا لكل أحد ، ولا صعوبة في ذلك ، إنما الصعوبة في المداومة والاستمرار على المطلوب.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت هذه الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ تفضل الله على بني إسرائيل بإنقاذهم وإنجائهم من ظلم فرعون وقومه ، فأوحى الله إليه أن يتخذ لهم طريقا يابسا في البحر لا طين فيه ولا ماء ، بأن ضربه بعصاه ، فانشق ، وجف بما هيأ الله له من الأسباب كالرياح ، فأضحى لا يخاف لحاقا من فرعون وجنوده ، ولا يخشى غرقا من البحر.