وَمُلْكٍ لا يَبْلى) أي قال الشيطان لآدم بنوع من الخفية : ألا أرشدك إلى شجرة الخلد : وهي الشجرة التي من أكل منها لم يمت أصلا ، وإلى ملك دائم لا يزول ولا ينقضي. وكان ذلك كذبا من إبليس ليستدرجهما إلى معصية الله تعالى : (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) [الأعراف ٧ / ٢١] (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) [الأعراف ٧ / ٢٢].
جاء في الحديث ذكر شجرة الخلد ، أخرج الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي عن أبي هريرةرضياللهعنه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ، ما يقطعها ، وهي شجرة الخلد».
(فَأَكَلا مِنْها ، فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما ، وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ، وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) أي فأكل آدم وحواء من الشجرة التي منعا من الأكل منها ، فانكشفت عورتهما وسقط عنهما لباسهما ، فشرعا يلصقان عليهما ويلزقان ورق التين ، فيجعلانه على سوآتهما ، وعصى آدم ربه أو خالف أمر ربه بالأكل من الشجرة المنهي عن الآكل منها ، فضلّ عن الصواب ، وفسد عليه عيشه.
ولا شك بأن مخالفة الأمر الواجب معصية ، وأن الجزاء حق وعدل بسبب المعصية ، لكنها معصية من نوع خاص بترتيب وتدبير وإرادة الله عزوجل ، وفي حال نسيان آدم عهد الله إليه بألا يأكل من الشجرة ، أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضياللهعنه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «حاجّ موسى آدم ، فقال له : أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم؟ قال آدم : يا موسى ، أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، أتلومني على أمر كتبه الله عليّ ، قبل أن يخلقني ، أو قدره الله علي قبل أن يخلقني؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فحجّ آدم موسى».