فقه الحياة أو الأحكام :
يستدل بالآيات على ما يأتي :
١ ـ إن ذا القرنين أحد الملوك المؤمنين الذين ملكوا الدنيا وسيطروا على أهلها ، فقد آتاه الله ملكا واسعا ، ومنحه حكمة وهيبة وعلما نافعا ، ونحن لا نقطع بمعرفته بالذات ، ولا نؤمن إلا بالقدر الذي حكاه القرآن المجيد.
روي أن جميع ملوك الدنيا كلها أربعة : مؤمنان وكافران ؛ فالمؤمنان : سليمان بن داود وإسكندر ، والكافران : نمروذ وبختنصّر. قال ابن إسحاق : وكان من خبر ذي القرنين أنه أوتي ما لم يؤت غيره ، فمدت له الأسباب حتى انتهى من البلاد إلى مشارق الأرض ومغاربها ، لا يطأ أرضا إلا سلّط على أهلها ، حتى انتهى من المشرق والمغرب إلى ما ليس وراءه شيء من الخلق.
٢ ـ هيّأ الله تعالى لذي القرنين الأسباب التي توصله إلى مراده ، وأخبرنا عن وقائع ثلاث حدثت له في المغرب والمشرق والوسط. أما في مغرب الشمس فقد وجد قوما كافرين ، فخيّره الله بين أمرين : إما التعذيب بالقتل والإبادة جزاء كفرهم وطغيانهم ، وإما الاستبقاء والإرشاد إلى الحق والهدى وتوحيد الله ، فاختار ذو القرنين الإمهال والدعوة إلى الله ، وأقام فيهم مدة ردع فيها الظالم ، ونصر المظلوم ، وأقام العدل ، ودعا إلى الله تعالى.
وأما في المشرق فوجد قوما بدائيين يعيشون في بقعة رملية لا يستقر فيها بناء ، ولا يستترون فيها بظل شجر أو سقف بيت ، قال الحسن البصري : كانت أرضهم لا جبل فيها ولا شجر ، وكانت لا تحمل البناء ، فإذا طلعت عليهم الشمس نزلوا في الماء ، فإذا ارتفعت عنهم خرجوا ، فيتراعون كما تتراعى البهائم.
وقال قتادة : لم يكن بينهم وبين الشمس ستر ، كانوا في مكان لا يستقر عليه