٦ ـ يجوز الدعاء بالولد ، ويجوز التضرع إلى الله في هداية الولد ، اقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام والفضلاء ، وقد دعا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنس خادمه فقال : «اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته» فدعا له بالبركة تحرزا مما يؤدي إليه الإكثار من الهلكة. وكان دعاء زكريا أن يجعل الولي الوارث له مرضيا في أخلاقه وأفعاله.
٧ ـ دعاء زكريا عليهالسلام لم يكن بالواسطة ، وإنما كان يخاطب ربه مباشرة قائلا : (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) ، (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) ، (فَهَبْ لِي) ، (رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ).
كذلك قوله تعالى : (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ ...) نداء من الله تعالى ، وإلا لفسد النظم. ويرى جماعة أن هذا نداء الملك ؛ لقوله تعالى : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ ، وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى) [آل عمران ٣ / ٣٩] ، وقوله سبحانه : (قالَ : كَذلِكَ ، قالَ رَبُّكَ : هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) وهذا لا يجوز أن يكون كلام الله تعالى ، فوجب أن يكون كلام الملك. وأجاب الرازي عن آية (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ) بأنه يحتمل حصول النداءين : نداء الله ونداء الملائكة ، وعن آية (قالَ رَبُّكَ ..) بأنه يمكن أن يكون كلام الله تعالى (١).
٨ ـ في قوله تعالى : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) دليل وشاهد على أن الأسامي السّنع (الجميلة) جديرة بالأثرة ، وإياها كانت العرب تنتحي في التسمية ، لكونها أنبه ، وأنزه عن النّبز.
٩ ـ قوله تعالى : (قالَ : رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ)؟ ليس شكا في قدرة الله تعالى على ذلك ، وإلا كان كفرا ، وهو غير جائز على الأنبياء عليهمالسلام ،
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢١ / ١٨٦.