١ ـ (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) أي وأعطيناه الحكم والفهم للكتاب والفقه في الدين والإقبال على الخير ، وهو صغير حدث دون سبع سنين. وقيل : الحكمة : النبوة ؛ لأن الله تعالى بعث يحيى وعيسى عليهماالسلام ، وهما صبيان ، قال الرازي : والأقرب حمله على النبوة لوجهين :
الأول ـ أن الله تعالى وصفه بصفات شريفة ، والنبوة أشرف صفات الإنسان ، فذكرها في معرض المدح أولى من ذكر غيرها.
الثاني ـ أن الحكم هو ما يصلح لأن يحكم به على غيره ، ولغيره على الإطلاق ، وذلك لا يكون إلا بالنبوة.
قال عبد الله بن المبارك : قال معمر : قال الصبيان ليحيي بن زكريا : اذهب بنا نلعب ، فقال : ما للّعب خلقنا ، فلهذا أنزل الله : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا).
٢ ـ (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا) أي رحمناه رحمة من عندنا. والحنان : الرحمة والشفقة والعطف والمحبة. قال ابن كثير : والظاهر من السياق أن قوله : (وَحَناناً) معطوف على قوله : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) أي وآتيناه الحكم وحنانا وزكاة ، أي وجعلناه ذا حنان وزكاة ، فالحنان : هو المحبة في شفقة وميل (١).
٣ ـ ٥ : (وَزَكاةً ، وَكانَ تَقِيًّا ، وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ) أي وجعلنا مباركا للناس ، يهديهم إلى الخير ، مطهرا من الدنس والرجس والآثام والذنوب ، وكان تقيا ، أي متجنبا لمعاصي الله ، مطيعا له ، وكثير البر والطاعة لوالديه ، متجنبا عقوقهما قولا وفعلا ، أمرا ونهيا ، فهو مطيع لله ولأبويه.
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٣ / ١١٣.