أحدهما ـ أنها خافت أن يظن بها الشر في دينها وتعير ، فيفتنها ذلك.
الثاني ـ لئلا يقع قوم بسببها في البهتان والنسبة إلى الزنى ، وذلك مهلك. فخافت صونا لسمعتها الدينية ، وحماية لتدين الآخرين حتى لا يقعوا في الذنب.
٣ ـ تظاهرت الروايات بأن السيدة مريم ولدت عيسى عليهالسلام لثمانية أشهر ، وقد عاش ، وتلك خاصة له ، وقيل : ولدته لتسعة ، أو لستة. ويرى ابن عباس كما تقدم أنها حملت فوضعت في الحال ؛ لأن الله تعالى ذكر الانتباذ عقب الحمل.
٤ ـ لقد اقترنت ولادة السيدة مريم بأنواع من الألطاف الإلهية ، فقد ناداها جبريل عليهالسلام بأن الله جعل من تحتها نهرا صغيرا لتشرب منه ، وأسقط لها رطب النخلة ، ويقال : إنها أثمرت لها ، وصار رطبها قابلا للأكل والاجتناء بقدرة الله ، وطيب الله نفسها وأقر عينها ، فأزال عن قلبها الكآبة والحزن ، وأمرها على لسان جبريل بالإمساك عن كلام البشر حتى لا تتعب نفسها بالحوار والنقاش وردّ التّهم ، وأحالت الأمر على ابنها الذي أنطقه الله في المهد مدافعا عنها ، ليرتفع عنها خجلها ، وتتبين الآية ، فيظهر عذرها. وكل هذه آيات خارقة للعادة أظهرها الله بمناسبة ميلاد عيسى عليهالسلام.
٥ ـ استدل العلماء بهذه الآية على أن الرزق ، وإن كان محتوما ، فإن الله تعالى ربطه بالسعي ، ووكل ابن آدم إلى سعي ما فيه ؛ لأنه سبحانه أمر مريم بهز النخلة لترى آية ، وكانت الآية ألا تهتز النخلة ؛ لأن جذعها صلب قوي ثخين يصعب تحركه.
٦ ـ الأمر بتكليف الكسب في الرزق سنة الله تعالى في عباده ، وأن ذلك لا يتعارض مع التوكل ، فإن التوكل على الله يكون بعد اتخاذ الأسباب. وقد كانت مريم قبل الولادة يأتيها رزقها من غير تكسب ، تكريما خاصا لها ، كما قال