والسلامة علي من كل سوء يوم الميلاد ، فلم يضرني الشيطان في ذلك الوقت ، ولا أغواني عند الموت ، ولا عند البعث ، فأنا في أمان لا يقدر أحد على ضري في هذه الأوقات الثلاثة. وهذا إثبات منه لعبوديته لله عزوجل ، وأنه مخلوق من خلق الله الذي يحيى ويموت ويبعث كسائر الخلائق ، ولكن له السلامة في هذه الأحوال التي هي أشق ما يكون على العباد.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ جاءت مريم المؤمنة الواثقة بتأييد الله لها قومها مع ولدها ، لما اطمأنت بما رأت من الآيات ، وعلمت أن الله تعالى سيبين عذرها.
٢ ـ يتأثر الناس عادة بظواهر الأمور ويتعجلون بالحكم عليها ، فاتهموا مريم بأنها جاءت شيئا فريا ، أي أمرا عظيما كالآتي بالشيء يفتريه ، وأنكروا عليها بما عرفوا عنها من سيرة حميدة قضت شبابها في التبتل والعبادة ، وبما علموا من استقامة أبويها.
فقالوا لها : يا أخت هارون ، بمعنى : يا من كنا نظنّها مثل هارون في العبادة تأتي بمثل هذا؟ فهي كانت من ولد أو سلالة هارون أخي موسى ، وإن كان بين موسى وهارون وبين عيسى زمان مديد قدّر بألف سنة فأكثر ، فنسبت إليه بالأخوة ، لأنها من ولده ، كما يقال للتميمي : يا أخا تميم ، وللعربي : يا أخا العرب.
وقيل : هارون هذا رجل صالح في ذلك الزمان ، تبع جنازته يوم مات أربعون ألفا ، كلهم اسمه هارون. ويؤيد ذلك الحديث الثابت المتقدم.
٣ ـ من معجزات عيسى عليهالسلام نطقه وهو صغير في المهد ، ونحن