والخلاصة في صحة الاعتقاد بعيسى عليهالسلام هو ما جاء في الحديث الصحيح عند الشيخين عن عبادة بن الصامت رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، وأن الجنة حق ، والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل».
ثم أخبر الله تعالى عن قوة سمع الكفار وحدة بصرهم يوم القيامة على الضدّ في الدنيا ، فقال: (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا ، لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي ما أقوى سمع الكفار وأشد بصرهم يوم يأتوننا للحساب والجزاء ، إنهم يكونون أسمع شيء وأبصره ، كما قال تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا ..) [السجدة ٣٢ / ١٢] أي يقولون ذلك حين لا ينفعهم ولا يجدي عنهم شيئا.
لكن هؤلاء الظالمون الكافرون يعرفون الحق في الآخرة ، وفي الدنيا صم بكم عمي عن الحق ، لا يسمعون ولا يبصرون ولا يعقلون ، فحيث يطلب منهم الهدى لا يهتدون ، ويكونون مطيعين حيث لا ينفعهم ذلك ، ويتمنون الرجوع إلى الدنيا ليتداركوا تقصيرهم.
ثم أمر الله بإنذارهم ، فقال لنبيه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم :
(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ، إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ ، وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ ، وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أي وأنذر أيها الرسول الخلائق من المشركين وغيرهم يوم يتحسرون جميعا ، فالمسيء يتحسر على إساءته ، والمحسن على عدم استكثاره من الخير ، حين فرغ من الحساب ، وطويت الصحف ، وفصل بين أهل الجنة ، وأهل النار ، وصار الأولون في الجنة ، والآخرون في النار ، وهم الآن في الدنيا غافلون عما أنذروا به يوم الحسرة والندامة ، غافلون عما يعمل بهم في ذلك اليوم وعما يلاقونه من أهوال ، وهم لا يصدقون بالقيامة والحساب والجزاء.