النبي صلى الله عليه وآله وسلم مضرّة الأوثان ، فقالوا : أتسبّ آلهتنا؟ لئن لم تكفّ عن ذكرها لتخبلنّك أو تصيبنك بسوء. ولما بعث النبي خالدا إلى كسر العزّى قال له سادنها : إني أخاف عليك منها ، فلها قوة لا يقدم لها شيء ، فأخذ خالد الفأس ، فهشم به وجهها ثم انصرف.
والآية دليل على أن الله يحمي نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من السوء ، ويكفيه وأتباعه الدين والدنيا ، إذ لما كان تعالى كافي عبده ، كان التخويف بغيره عبثا باطلا.
ثم أبان الله تعالى مدى قدرته وسلطانه ليبطل توعد المشركين ويبين جهلهم ، فقال :
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ ، وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ) أي من حق عليه القضاء بضلالة ، لسوئه وفسقه وعصيانه ، فما له من هاد يهديه إلى الرشد ويخرجه من الضلالة ، ومن يوفقه الله إلى السعادة والإيمان لاستعداده لهما. فلا مضل له أبدا.
والمراد أن خلق المهتدين والضالين بيد الله ، فهو الفاعل ، وليس لمن عداه أي تأثير في ذلك ، فلا راد لفضله ، ولا مانع لمراده ، لذا هدد كفار قريش قائلا :
(أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ)؟ أي أليس الله بغالب لكل شيء قاهر له ، ينتقم من عصاته بعذاب شديد؟ فهو منيع الجناب ، لا يضام من استند إلى جنابه ، ولجأ إلى بابه ، فإنه القوي الذي لا أقوى منه ، ولا أشد انتقاما منه ، ممن كفر به وأشرك وعاند رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
والخلاصة : إن الآية وعد للمؤمنين ، وعيد لكفار قريش وأمثالهم.