(قالُوا : بَلى) قال أهل النار : بلى قد جاءتنا الرسل ، فكذبناهم ، ولم نؤمن بهم ولا بما جاؤوا به من الحجج.
فلما اعترفوا قالت لهم الخزنة تهكّما :
(قالُوا : فَادْعُوا ، وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) أي قالت الخزنة لأهل النار : إذا كان الأمر كما ذكرتم ، فادعوا أنتم لأنفسكم ، فنحن لا ندعو لمن كفر بالله وكذّب رسله بعد مجيئهم بالحجج الواضحة ، ونحن برآء منكم ، ثم أخبروهم بأن دعاءهم لا يفيد شيئا ، فما دعاء الكافرين بالله ورسله إلا في ضياع وبطلان وذهاب لا يقبل ولا يستجاب.
أخرج الترمذي وغيره عن أبي الدرداء قال : «يلقى على أهل النار الجوع ، حتى يعدل ما هم فيه من العذاب ، فيستغيثون منه ، فيغاثون بالضريع لا يسمن ولا يغني من جوع ، فيأكلونه لا يغني عنهم شيئا ، فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصّة ، فيغصّون به ، فيذكرون أنهم كانوا في الدنيا يجيزون الغصص بالماء ، فيستغيثون بالشراب ، فيرفع لهم الحميم بالكلاليب ، فإذا دنا من وجوههم شواها ، فإذا وقع في بطونهم قطّع أمعاءهم وما في بطونهم ، فيستغيثون بالملائكة يقولون : (ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) فيجيبوهم : (أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ ، قالُوا : بَلى ، قالُوا : فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) ـ أي خسار وتبار».
فقه الحياة أو الأحكام :
دلّت الآيات على ما يأتي :
١ ـ يشتدّ الجدال والخصام يوم القيامة في نار جهنم بين الأتباع الضعفاء والمتبوعين الرؤساء الذين استكبروا عن الانقياد للأنبياء ، فيقول الأولون : إنّا