والراحة وتجديد النشاط والحيوية من عناء النهار ، وجعل النهار مضيئا بالشمس لإبصار الحوائج ، وطلب المعايش ، ومزاولة الصناعة والتجارة والزراعة ، والتنقل بالأسفار وزيارة الأقطار ، وغير ذلك من مصالح العباد.
ويلاحظ أن (جَعَلَ) هنا بمعنى : خلق ، لأنها متعدية إلى مفعول واحد ، فإذا لم تكن بمعنى : خلق عديت إلى مفعولين مثل (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) [الزخرف ٤٣ / ٣].
(إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) أي إن الله تعالى بهذه النعمة وغيرها مما لا يحصى هو المتفضل على الناس ، ولكن أكثر الناس لا يشكرون النعم ولا يعترفون بها ، إما لجحودهم لها مثل الكفار ، وإما لإهمالهم النظر وما يجب من شكر المنعم ، مثل الجهال ، كما قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) [الحج ٢٢ / ٦٦]. (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم ١٤ / ٣٤]. (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) [العاديات ١٠٠ / ٦]. (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ ٣٤ / ١٣].
ثم ذكر الله تعالى أنه الخالق وحده ، فتجب عبادته وحده ، فقال :
٤ ـ ٥ : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ ، خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ، فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ؟) أي ذلكم الذي فعل كل هذا المذكور وأنعم بهذه النعم هو الله المربي المدبر ، فلا رب سواه ، وهو خالق الأشياء كلها ، لم يعاونه في الخلق أحد ، وهو الإله الواحد الذي لا إله سواه ، فكيف تنقلبون عن عبادته ، وتنصرفون عن توحيده ، وتعبدون غيره من الأصنام وغيرها مما لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، ولا يخلق شيئا ، بل هو مخلوق؟!
وهذا الضلال مرض قديم ، فقال تعالى :
(كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) أي مثل هذا الإفك