والضلال بعبادة غير الله ، ضل وأفك الجاحدون لآيات الله ، المنكرون لتوحيده ، وصرفوا عن اتباع الصراط القويم ، من غير حجة ولا برهان ، بل بمجرد الجهل والهوى.
ثم أضاف الله تعالى دليلا آخر على قدرته وحكمته ، فقال :
٦ ـ ٧ : (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً) أي إن الله هو الذي جعل الأرض موضع استقرار وثبات ، تستقر عليها المباني والأمتعة ، ويحيى فيها الأشخاص ويموتون ، ويمشون ويتصرفون في أنحائها ، وجعل أيضا السماء سقفا للعالم محفوظا قائما ثابتا أيضا ، لا ينهدم ولا يتصدع ، وزيّنه بالكواكب والنجوم.
وبعد بيان بعض دلائل الآفاق والأكوان (وهي كل ما هو غير الإنسان من هذا العالم) وهي اثنان (أحوال الليل والنهار ، وأحوال الأرض والسماء) ذكر الله تعالى دلائل الأنفس على وجوده وقدرته وهي ثلاثة (إحداث صورة الإنسان ، وتحسينها ، والرزق من الطيبات) فقال :
٨ ـ ٩ : (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ، وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) أي وخلقكم في أحسن صورة ، وأجمل شكل ، وأبدع تقويم في انتصاب القامة ، وتناسب الأعضاء ، والتهيؤ لمزاولة مختلف أنواع المكاسب والمعاشات ، ورزقكم من طيبات الرزق ولذائذه من الطعام والشراب.
(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ ، فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) أي ذلكم المتصف بهذه الصفات الجليلة ، المنعم بهذه النعم العظيمة ، هو الرب الذي لا تصلح الربوبية لغيره ، فتقدس وتنزه الله رب العالمين من الإنس والجن عن صفات النقص وعما لا يليق به من الشريك والولد والصاحبة.
وبعد إثبات توحيد الربوبية أثبت توحيد الألوهية ، فقال تعالى :