البلاغة :
(بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) التفات عن الغيبة إلى الخطاب للمبالغة في التوبيخ. ويوجد جناس ناقص بين (تَفْرَحُونَ) و (تَمْرَحُونَ).
المفردات اللغوية :
(يُجادِلُونَ) كرر ذم المجادلة لتعدد المجادل أو المجادل فيه ، أو للتأكيد (آياتِ اللهِ) القرآن (أَنَّى) كيف (يُصْرَفُونَ) يبعدون عن الإيمان بالله. (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ) بالقرآن أو بجنس الكتب السماوية (وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا) من سائر الكتب والوحي والتوحيد والبعث والشرائع (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) عقوبة تكذيبهم.
(إِذِ الْأَغْلالُ إِذِ) : ظرف للفعل المتقدم (يَعْلَمُونَ) بمعنى إذا للاستقبال ، أي ليعلمون إذ الأغلال ، وعبر ب (إِذِ) التي هي ظرف للماضي عن المستقبل ، لتيقن وقوع الأمر المخبر به وكونه مقطوعا به و (الْأَغْلالُ) : جمع غل : وهو القيد الذي يوضع في العنق (يُسْحَبُونَ) يجرّون بعنف بالسلاسل (فِي الْحَمِيمِ) جهنم ، وهي الماء الحار (يُسْجَرُونَ) يحرقون ويوقدون ، يقال : سجّر التنور : ملأه بالوقود ، ومنه (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) المملوء (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ : أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ) يقال لهم توبيخا وتقريعا : أين الأصنام التي كنتم تعبدون في الدنيا (ضَلُّوا عَنَّا) غابوا واضمحلوا ، فلا نراهم (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) أنكروا عبادتهم إياها ، ثم أحضرت (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) أي مثل إضلال هؤلاء المكذبين يضل الله الكافرين ، حتى لا يهتدوا إلى شيء ينفعهم في الآخرة.
(ذلِكُمْ) العذاب (تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ) تبطرون وتتكبرون (بِغَيْرِ الْحَقِ) وهو الشرك والطغيان وإنكار البعث (وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) تختالون أشرا وبطرا وتتوسعون في الفرح (أَبْوابَ جَهَنَّمَ) الأبواب السبعة المقسومة لكم (خالِدِينَ فِيها) مقدّرا لكم الخلود فيها (مَثْوَى) مأوى.
المناسبة :
عاد الحق تعالى في هذه الآيات إلى ذم المجادلين في آيات الله ، مبينا عظيم جرمهم في تكذيب القرآن وجزاءهم على ذلك ، فليس فيه تكرار ، إذ السابق لبيان منشأ الجدل وسببه ، وهذا تعجيب من حال المجادلين وآرائهم الفاسدة ، مع