بيان عاقبتهم ، والظاهر ـ كما ذكر أبو حيان ـ أنها في الكفار المجادلين في رسالة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والكتاب الذي جاء به.
التفسير والبيان :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ) أي ألا تعجب يا محمد من هؤلاء المكذبين المشركين المجادلين بالباطل في آيات الله الواضحة الموجبة للإيمان بها ، كيف تصرف عقولهم عن الهدى إلى الضلال؟ مع قيام الأدلة الدالة على صحتها ، وأنها في نفسها موجبة للتوحيد.
(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا ، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) أي إنهم هم الذين كذبوا بالقرآن وبالذي أرسلنا به الرسل من التوحيد وإخلاص العبادة لله والشرائع الصالحة لحياة الإنسان في الدنيا ، والتبرؤ من الشرك والوثنية ، والإيمان بالبعث ، ثم هددهم وأوعدهم بقوله : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) عاقبة أمرهم ووبال كفرهم.
ثم ذكر مضمون التهديد الشديد والوعيد الأكيد بقوله :
(إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ ، وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) أي فسوف يعلم هؤلاء المكذبون حين تجعل القيود في أعناقهم ، ويسحبون بالسلاسل في الحميم : وهو الماء المتناهي في الحرارة ، فتتقطع جلودهم وتنسلخ لحومهم ، ثم يحرقون في النار التي توقد بهم وتحيط بهم ، كما قال تعالى : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ، يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) [الرحمن ٥٥ / ٤٣ ـ ٤٤] وقال سبحانه بعد ذكر أكلهم الزقوم وشربهم الحميم : (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ) [الصافات ٣٧ / ٦٨] وقال عزوجل : (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ. ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ. ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ. إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) [الدخان ٤٤ / ٤٧ ـ ٥٠].