ونحو الآية قوله تعالى : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ : مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ ، وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ..) إلى أن قال : (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ ، وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ..) [الأنعام ٦ / ١٤٣ ـ ١٤٤] وقوله سبحانه : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ، وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ، وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ ، إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) [النحل ١٦ / ٥ ـ ٧].
ولما ذكر الله هذه الدلائل الكثيرة الدالة على قدرة الله التي لا تنكر قال :
(وَيُرِيكُمْ آياتِهِ ، فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) أي إن الله تعالى يري عباده عيانا هذه الآيات والبراهين التي عددها في الآفاق والأنفس ، والتي هي كلها ظاهرة باهرة دالة على كمال قدرته ووحدانيته ، فما الذي تنكرونه منها؟ وهي كلها ظاهرة واضحة ، بحيث لا ينكرها ذو بصيرة نيّرة إن كان منصفا ، أي إنكم في الواقع لا تقدرون على إنكار شيء من آياته ، إلا أن تعاندوا وتكابروا ، كما قيل :
وفي كل شيء له آية |
|
تدل على أنه واحد |
والسبب في إدخال اللام على (لِتَرْكَبُوا) و (لِتَبْلُغُوا) وعدم دخولها على البواقي : هو الاهتمام بجل المنافع وهو الركوب والحمل عليها ، وأما الأكل والانتفاع بالأوبار والأشعار فهو غرض أقل وأبسط.
فقه الحياة أو الأحكام :
هذه ادلة أخرى على كمال قدرة الله ووحدانيته ، وتشير إلى عظم نعم الله على عباده ، وهي تتمثل في خلق الأنعام للأكل والركوب ، والانتفاع بها في منافع كثيرة للثياب والأمتعة والمأكولات ، وحمل الأثقال ، والتنقل عليها في الأسفار وقطع المسافات ، سواء في البر والبحر.