أولها ـ أن يكون مشركا ، وهو ضدّ التوحيد.
وثانيها ـ كونه ممتنعا من أداء الزكاة ، وهو ضدّ الشفقة على خلق الله تعالى.
وثالثها ـ كونه منكرا للقيامة ، مستغرقا في طلب الدنيا ولذاتها.
وإنما ذكر الله تعالى هذه الأوصاف ، لأن الإيمان أساس العقيدة ، والشرك هدم لها ، ولأن الزكاة دليل الإيمان ، لأنها اقتطاع جزء من أحب الأشياء إلى النفس وهو المال قرين الروح ، لذا قيل : الزكاة قنطرة الإسلام ، فمن قطعها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك. ومنع الزكاة قسوة على عباد الله ، وبذلها دليل على صدق النّية.
وأما الإيمان بالآخرة : فهو خلاصة الإيمان وهدفه وتقرير للمصير. وإنكار البعث والقيامة : تدمير لكل الأعمال في الدنيا ، وانصراف إليها وإعراض عن الآخرة.
وهذه الآية تهديد لمن يشرك بالله ، ويمنع الزكاة التي تطهّر النّفس من داء الشّح والبخل ، وينكر البعث والجزاء والحساب يوم القيامة وينصرف إلى الدنيا ولذاتها. ونحو الآية : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) [الشمس ٩١ / ٩ ـ ١٠].
ثم أعقب وعيد الكفار بوعد المؤمنين للجمع المألوف في القرآن بين الترهيب والتّرغيب ، فقال تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) أي إن الذين صدقوا بالله ورسوله ، وعملوا بما أمر الله به وانتهوا عما نهى عنه ، لهم عند ربّهم أجر وثواب غير مقطوع ولا ممنوع ، ولا يمنّ عليهم به ، لأن المنّة بالتّفضل ، وأما