صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) فأرعد الشيخ ، ووقف شعره ، فأمسك على فم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده ، وناشده بالرّحم أن يمسك وقال حين فارقه :
«والله لقد سمعت شيئا ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة ، ولقد ظننت أن صاعقة العذاب على رأسي».
وبعد أن ذكروا أسباب إبائهم الإيمان بالله وحده ، أجيبوا بأن محمدا مجرد بشر لا يقدر على جبرهم على الإيمان ، فقال تعالى :
(قُلْ : إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ، فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) أي قل أيها الرسول مجيبا قومك المكذبين المشركين عن شبهتهم : ما أنا إلا بشر كواحد منكم لو لا الوحي ، وإني لا أقدر أن أحملكم على الإيمان جبرا وقهرا ، فإني بشر مثلكم ، لكني أبلغكم ما أوحي إليّ به ، وخلاصة ذلك الوحي أمران : العلم والعمل ، أما العلم فأساسه معرفة التوحيد ، لأن الحق هو أن الله واحد ، وليس معه شريك من الأصنام والأنداد والأرباب المتفرّقين ، وهو المراد بقوله : (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) والحق يجب علينا أن نعترف به ، والعمل أساسه : الاستقامة والاستغفار والتوبة من الذنوب ، أي الطاعة وإخلاص العبادة ، وطلب العفو عن الذنوب السالفة ، ورأسها الشرك ، لذا أعقبه بتهديد المشركين ، فقال تعالى :
(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ ، وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) أي الهلاك والدمار والخسارة للمشركين الذين أشركوا مع الله إلها آخر ، والذين تجرّدوا من حبّ الإنسانية والشفقة على خلق الله فلا يؤدون الزكاة ، ويمنعونها عن الفقراء ، ولا ينفقون في الطاعة ، وهم جاحدون الآخرة ، منكرون البعث والحساب والجزاء.
فالله تعالى أثبت الويل لمن اتّصف بصفات ثلاث :