(فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ) أي فاهتداؤه نفع به نفسه. (فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) على نفسه ، أي فإن وباله لا يتخطاها. (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) أي بموكّل عليهم لتجبرهم على الهدى ، بل عليك البلاغ فحسب.
(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) يقبضها عند انتهاء آجالها. (وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) أي ويتوفى غير الميتة وقت النوم ، وهي التي لم يحضر أجلها ، يتوفاها في منامها. (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) ولا يردها إلى البدن الذي خرجت منه. (وَيُرْسِلُ الْأُخْرى) أي النائمة. (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي إلى وقت موتها. (إِنَّ فِي ذلِكَ) المذكور من التوفي والإمساك والإرسال. (لَآياتٍ) دلالات على كمال قدرة الله وحكمته. (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) في الحياة والموت ، فيعلمون أن القادر على ذلك قادر على البعث ، وقريش لم يتفكروا في ذلك.
(أَمِ اتَّخَذُوا) بل اتخذت قريش. (مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ) أي اتخذوا الأصنام آلهة عند الله بزعمهم ، تشفع لهم عند الله. (قُلْ : أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً) قل لهم : أيشفعون ، ولو لم يملكوا الشفاعة وغيرها؟ لا (وَلا يَعْقِلُونَ) أنكم تعبدونهم ، ولا يعقلون غير ذلك.
(قُلْ : لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) أي هو مختص بها ومالك الشفاعة كلها ، فلا يشفع أحد إلا بإذنه ، ولا يستقل بها أحد. (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مالك الملك كله ، لا يملك أحد أن يتكلم في أمره دون إذنه ورضاه. (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فيكون الملك له أيضا حينئذ. (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ) أي دون آلهتهم. (اشْمَأَزَّتْ) نفرت وانقبضت ، والاشمئزاز : أن يمتلئ غما ، فيحدث انقباض في القلب ، وضيق في النفس ، يظهر أثره في الوجه (وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) أي الأصنام. (يَسْتَبْشِرُونَ) الاستبشار : امتلاء القلب سرورا ، حتى تنبسط له بشرة الوجه. ويستبشرون هنا لفرط افتتانهم بالأصنام ونسيانهم حق الله تعالى.
(اللهُمَ) أي يا الله. (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مبدعها. (عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) ما غاب وما شوهد. (أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي فأنت وحدك تقدر أن تحكم بيني وبينهم ، في أمر الدين ، اهدني لما اختلفوا فيه من الحق. (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) سيئات أعمالهم أو كسبهم حين تعرض صحائفهم. (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) وأحاط بهم جزاؤه.