منبسطة ، ثم دحاها بعد خلق السماء ، كما قال : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) [النازعات ٧٩ / ٣٠] ، والمعنى : ائتيا على ما ينبغي أن تأتيا عليه من الشكل والوصف ، ائت يا أرض مدحوة قرارا ومهادا لأهلك ، وائت يا سماء مقببة سقفا لهم ، ومعنى الإتيان : الحصول والوقوع.
ودحو الأرض وبسطها إنما هو بالنسبة لنظر الناظر وموقع الإنسان الذي يعيش عليها ، والحقيقة أن الأرض كرة منذ أول حدوثها.
وإتيان الأرض طائعة يدلّ على حركتها المستمرة الطائعة على وفق قانون الجاذبية الأرضية ، فهي مجذوبة إلى الشمس التي هي أصلها بحركة دورية دائمة طوعا لا قسرا ، وإتيان الأرض والسماء دليل على حركتهما ، فالأرض تدور حول نفسها وحول الشمس ، والشمس تدور حول نفسها وحول شموس أخرى أكبر منها.
وبعد أن ذكر الله تعالى تمام خلق الأرض ، ذكر كيفية تكوين السموات السبع وبيان نظامها ، فقال : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ ، وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) أي فأتمّ خلق السموات السبع وأحكمهنّ وفرغ منهن في مقدار يومين أو نوبتين سوى الأيام الأربعة التي خلق فيها الأرض ، فأصبح خلق السموات والأرض في أيام ستة كما قال تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)(١). قال مجاهد : ويوم من الأيام الستّة كألف سنة مما تعدّون.
وأوحى في كل سماء أمرها ، أي جعل فيها النظام الذي تجري عليه الأمور فيها ، قال قتادة: أي خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وأفلاكها (مداراتها) وما فيها من الملائكة والبحار والبرد والثلوج.
__________________
(١) [الأعراف : ٥٤ ، يونس : ٣ ، هود : ٧ ، الفرقان : ٥٩ ، السجدة : ٤ ، ق : ٣٨ ، الحديد : ٤].