التفسير والبيان :
(وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) أي ومن العلامات الدالة على قدرة الله وعظمته وحكمته وجود الليل والنهار وتعاقبهما ، وخلق الشمس المضيئة والقمر المنير ، وتقدير منازلهما في فلكيهما ، واختلاف سيرهما في مداريهما في السماء ، ليعرف بذلك مقادير الليل والنهار والأسابيع والشهور والأعوام ، وتعرف أوقات العبادة وآجال الحقوق والديون والمعاملات.
ولما كانت الشمس والقمر أنفع وأحسن الأجرام المشاهدة في العالم العلوي والسفلي ، نبّه الله تعالى إلى أنهما مخلوقان خاضعان لسلطان الله وتسخيره ، فلا يعظمان وإنما يعظم خالقهما ، فقال تعالى :
(لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ ، وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) أي إياكم من السجود للشمس والقمر ، لأنهما مخلوقان من مخلوقات الله ، فلا يصح أن تكونا شريكين له في ربوبيته ، ولا تصح عبادتهما فهي لا تنفع مع عبادة الله ، وتكون عبادتهما شركا.
وإنما الواجب السجود لمن خلق هذه الآيات الأربع وغيرها ، إن كنتم تريدون العبادة الصحيحة الخالصة لله تعالى.
وآخر الآية رد على الصابئة الذين عبدوا الكواكب ، وعبدة الشمس في عصرنا ، الذين زعموا أنهم يقصدون بالسجود لهما السجود لله ، فنهوا عن ذلك وأمروا ألا يسجدوا إلا لله الذي خلق هذه الأشياء.
وموضع سجود التلاوة في مذهب الشافعي رضياللهعنه كما تقدم هو قوله : (تَعْبُدُونَ) لأن قوله : (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ) متصل به. وعند أبي حنيفة رضياللهعنه هو قوله : (وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) الآتي ، لأن الكلام إنما يتم عنده.