(وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) استعارة تمثيلية ، مثّل لعظمته وكمال قدرته وحقارة السموات والأرض بالنسبة للقدرة بمن قبض شيئا عظيما بكفه ، وطوى السموات بيمينه بطريق الاستعارة التمثيلية.
المفردات اللغوية :
(اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) من خير وشر وإيمان وكفر (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) قيّم يتولى التصرف فيه (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مفاتيح خزائنها من المطر والنبات وغيرهما ، لا يملك أمرها ولا يتمكن من التصرف فيها غيره ، وهو كناية عن قدرته وحفظه لها (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) القرآن ودلائل قدرة الله (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) أنفسهم ، وهذا عائد على فريق المكذبين الذين نسبوا لله ولدا وشريكا ، وما قبله اعتراض للدلالة على أنه مهيمن على العباد ، مطلع على أفعالهم ، مجاز عليها.
(قُلْ : أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) أي أفغير الله أعبد بعد هذه الدلائل والمواعيد ، و (تَأْمُرُونِّي) اعتراض للدلالة على أنهم أمروه به عقيب ذلك. وقرئ (تَأْمُرُونِّي) بتخفيف النون ، مثل : (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) أي تبشرونني.
(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ). كلام على سبيل الفرض ، والمراد به تهييج الرسل ، وإقناط الكفرة ، وتنبيه الأمة. وأفرد الخطاب : باعتبار كل واحد. واللام الأولى : موطئة للقسم ، والأخيرتان للجواب. وعطف الخسران على إحباط : الأعمال : من عطف المسبب على السبب. و (لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) ليذهبن هباء منثورا. والإحباط : الإبطال.
(بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ ..) رد لما أمروه به (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) إنعامه عليك (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ما عظّموه حق التعظيم اللائق به ، حيث جعلوا له شريكا ووصفوه بما لا يليق به (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً) أي الأراضي السبع (قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) مقبوضة له في ملكه وتصرفه ، والقبضة : المرة من القبض (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) مجموعات بقدرته. وهذه الآية تنبيه على عظمة الله وكمال قدرته وحقارة الأجرام العظام بالنسبة لقدرته ، وفيها دلالة على أن تخريب العالم أهون شيء عليه. والآية على طريقة التمثيل والتخييل من غير اعتبار القبضة واليمين حقيقة ولا مجازا ، كما ذكر الزمخشري والبيضاوي. (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي تنزه وتقدس وتعاظم الله عما يشركون معه ، فما أبعد ما ينسب إلى الله من الولد والشريك عن قدرته وعظمته. هذا واليمين تطلق على اليد ، وعلى القدرة والملك ، وعلى القوة : (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) [الحاقة ٦٩ / ٤٥] أي بالقوة والقدرة ، والمعنى لأخذنا قوته وقدرته. قال الشاعر :
إذا ما راية رفعت لمجد |
|
تلقاها عرابة باليمين |