(فَادْخُلُوها خالِدِينَ) أي مخلدين فيها على الدوام أو مقدّرين الخلود ، والفاء للدلالة على ان (طِبْتُمْ) سبب لدخولهم وخلودهم ، وهو لا يمنع دخول العاصي بعفوه تعالى ، لأنه يطهره.
(وَقالُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ) عطف على الفعل المقدر جوابا ل (إِذا) وهو : دخلوها (صَدَقَنا وَعْدَهُ) بالبعث والثواب والجنة (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) أي أرض الجنة ، يريدون المكان الذي استقروا فيه ، وقد أورثوها ، أي ملكوها وجعلوا ملاكها ، وأطلق تصرفهم فيها كما يشاءون ، تشبيها بحال الوارث وتصرفه فيما يرثه ، على سبيل الاستعارة (نَتَبَوَّأُ) ننزل (مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) ننزل في أي مقام أردنا من الجنة الواسعة ، مع أن في الجنة مقامات معنوية لا يتمانع واردوها (فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) الجنة.
(حَافِّينَ) محدقين من حول العرش ومحيطين حوله. (مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) من كل جانب. و (مِنْ) مزيدة (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) ينزهون ربهم من كل نقص ، ملتبسين بحمده ، قائلين : سبحان الله وبحمده ، والجملة حال ثانية أو مقيدة للأولى ، والمعنى : ذاكرين له بوصفي جلاله وإكرامه تلذذا به. وفيه إشعار بأن منتهى درجات العليين وأعلى لذائذهم هو الاستغراق في صفات الحق.
(وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ) حكم بين جميع الخلائق بالعدل ، فيدخل المؤمنون الجنة ، والكافرون النار (وَقِيلَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي على ما قضى بيننا من الحق ، والقائلون هم المؤمنون المقضي بينهم ، أو الملائكة ، وقد طوي ذكرهم لتعينهم وتعظيمهم. والخلاصة : لقد ختم استقرار الفريقين بالحمد لله.
المناسبة :
بعد بيان أحوال أهل القيامة مجملا ، بقوله تعالى : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ) أبان الله تعالى بالتفصيل أحوال أهل العقاب وأحوال أهل الثواب ، ثم وصف ذلك الموكب المهيب موكب الملائكة المحدقين الحافين حول العرش ، الذين يسبحون بحمد ربهم ، ينزهونه عن النقائص ، ويشكرونه ، ويقولون بعد استقرار الفريقين في الجنة والنار : الحمد لله رب العالمين على ما أنعم به ، وقضى بالحق بين الخلائق.