التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن حال الأشقياء الكفار ، كيف يساقون إلى النار ، فيقول :
(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً) أي يساق الكافرون بربهم إلى النار ، سوقا عنيفا بزجر وتهديد ووعيد ، جماعات متفرقة مرتبة ، بعضها إثر بعض ، لكل جماعة قائد : هو رأسهم في الكفر وداعيتهم إليه. ونظير الآية : (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) [الطور ٥٢ / ١٣] أي يدفعون إليها دفعا.
(حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) أي حتى إذا وصلوا إليها ، فتحت لهم أبوابها السبعة سريعا ليدخلوها ولتعجل لهم العقوبة ، ويختصوا بنارها.
(وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها : أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ ، وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا)؟ أي وقال لهم خزنتها من الملائكة الزبانية الأشداء القوى حفظة النار والقائمين عليها ، على وجه التقريع والتوبيخ والتنكيل : ألم يأتكم رسل من جنسكم وأنفسكم تتمكنون من مخاطبتهم والأخذ عنهم ، يتلون عليكم آيات ربكم التي أنزلها لإقامة الحجج والبراهين على صحة ما دعوكم إليه ، ويحذرونكم من شر هذا اليوم ، ويخوفونكم لقاء هذا اليوم الذي صرتم إليه.
(قالُوا : بَلى ، وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) أي أجابهم الكفار معترفين قائلين لهم : بلى ، قد جاءونا وأنذرونا وأقاموا علينا الحجج والبراهين ، ولكن كذبناهم وخالفناهم ، ووجبت كلمة العذاب على من كفر بالله وأشرك ، وهي قوله تعالى : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [هود ١١ / ١١٩].
ونظير الآية : (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها : أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ، قالُوا : بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ ، فَكَذَّبْنا وَقُلْنا : ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ ، إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي