فيجيبون بقولهم :
(قالُوا : رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ، فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا ، فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) أي قال الكفار المعذبون : ربنا أمتنا مرتين ، حين كنا نطفا في أصلاب الآباء قبل الحياة الظاهرة ، وحين أصبحنا أمواتا بعد حياتنا الدنيوية ، وأحييتنا مرتين أيضا : الأولى في الدنيا ، والثانية عند البعث ، كما قال تعالى في آية أخرى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ ، وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ، ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) [البقرة ٢ / ٢٨].
فاعترفنا بذنوبنا التي ارتكبناها في الدنيا ، من تكذيب الرسل ، والإشراك بالله وترك توحيده ، وإنكار البعث ، ولكنه اعتراف وندم في وقت لا ينفعهم فيه الندم ، فهل لنا طريق إلى الخروج من النار والرجوع إلى الدنيا ، لنعمل غير الذي كنا نعمل؟ كما قال تعالى في آية أخرى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا ، فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً ، إِنَّا مُوقِنُونَ) [السجدة ٣٢ / ١٢] وقال سبحانه : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ ، فَقالُوا : يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا ، وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنعام ٦ / ٢٧] وقال عزوجل : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها ، فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ ، قالَ : اخْسَؤُا فِيها ، وَلا تُكَلِّمُونِ) [المؤمنون ٢٣ / ١٠٨].
فأجيبوا بالرفض مع بيان السبب ، فقال تعالى :
(ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ، وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ، فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) أي أنتم هكذا على وضعكم ، وإن رددتم إلى الدار الدنيا : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) [الأنعام ٦ / ٢٨] فلا رجعة لكم ، وتظلمون في العذاب ، بسبب أنكم كنتم إذا دعي الله وحده دون غيره في الدنيا ، كفرتم به وتركتم توحيده باستمرار ، وإن يشرك به غيره من الأصنام أو غيرها ، تؤمنوا بالإشراك به وتجيبوا