(لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) بنقص الثواب وزيادة العقاب. (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) لا يشغله شأن عن شأن ، فيحاسب الخلائق سريعا ، يحاسب جميع الخلق في قدر نصف نهار من أيام الدنيا ، كما ورد في الحديث.
المناسبة :
بعد بيان أحوال الكافرين المجادلين في آيات الله ، بيّن الله تعالى أنهم يوم القيامة يعترفون بذنوبهم واستحقاقهم العذاب الذي ينزل بهم ، ويسألون الرجوع إلى الدنيا ، ليتلافوا ما فرط منهم.
وبعد ذكر ما يوجب التهديد الشديد للمشركين ، ذكر ما يدل على كمال قدرته وحكمته ، بإظهار البيّنات والآيات ، وإنزال الرزق من السماء ، وإلقاء الوحي على من يشاء من عباده ، لإنذار الناس بالعذاب يوم الحساب.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن مناداة الكفار يوم القيامة وهم يتلظون في النار ، فيقول :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ : لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ، إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) أي تنادي الملائكة الكافرين يوم القيامة ، وهم يعذبون في نار جهنم ، فيمقتون أنفسهم ، ويبغضونها غاية البغض ، بسبب ما أسلفوا من الأعمال السيئة التي كانت سبب دخولهم إلى النار ، قائلين لهم : أيها المعذّبون أنفسهم في هذه الحالة ، إن بغض الله لكم حين عرض عليكم الإيمان في الدنيا من طريق الأنبياء ، فتركتموه وكفرتم وأبيتم قبوله ، أشد من بغضكم أنفسكم حين عاينتم عذاب النار يوم القيامة ، ففي الآية حذف وتقديم وتأخير ، أي لمقت الله إياكم حال ما تدعون إلى الإيمان فتكفرون أكبر من مقتكم أنفسكم.