٥ ـ إن تعذيب الكفار بسبب إعراضهم عن الإيمان بالله وبالبعث وبالرسل في الدنيا التي هي دار التكليف والعمل ، وتركهم التوحيد ، واختيارهم الشرك والمعاصي.
٦ ـ أقام الله تعالى آيات وأدلة كثيرة على وجوده وتوحيده وقدرته وحكمته ، ومنها هنا آيات السموات والأرضين وما فيهما وما بينهما من الشمس والقمر والنجوم والرياح والسحاب والبحار والأنهار والعيون والجبال والأشجار وآثار قوم هلكوا ، ومنها إنزال الرزق بإنزال المطر سبب الحياة والبركة والخير.
ويلاحظ أنه جمع في هذه الآية بين رعاية مصالح الأديان ومصالح الأبدان ، لأن بإظهار الآيات قوام الأديان ، وبإنزال الرزق من السماء قوام الأبدان.
ولكن ما يتعظ بهذه الآيات ، فيوحد الله إلا من ينيب ويرجع إلى طاعة الله ، والمعنى : إنّ لمس وإدراك دلائل توحيد الله كالشيء المستقر في العقول ، والاشتغال بالشرك وبعبادة غير الله مانع يحجب أنوار العقل والفكر ، فإذا تخلى العبد عن الشرك ، وأناب إلى الله ، زال الغطاء ، واستنار القلب ، فحصل الفوز التام ، وظهرت سبيل النجاة.
٧ ـ وكما أن من صفات كبرياء الله وإكرامه : كونه مظهرا للآيات ، منزلا للأرزاق ، فله صفات ثلاث أخرى من صفات الجلال والعظمة ، وهي كونه رفيع الصفات ، خالق العرش ومدبره ومالكه ، منزل الوحي والنبوة على من يشاء من عباده. وسمي الوحي روحا ، لأن الناس يحيون به من موت الكفر ، كما تحيا الأبدان بالأرواح ، كما تقدم.
٨ ـ ما على العباد أمام هذه الصفات العليا إلا عبادة الله وحده لا شريك له ، مخلصين له العبادة والطاعة ، حتى ولو كره الكافرون عبادة الله ، فلا تعبدوا أيها المؤمنون غيره.