رجل عدل وقرئ بالحركات الثلاث ، فالجر على صفة الخمر ، والرفع على صفة الأنهار ، والنصب على العلة أي التمييز ، أي لأجل لذّة الشاربين.
(وَمَغْفِرَةٌ) مبتدأ ، وخبره محذوف أي لهم مغفرة ، أو عطف على لفظ المحذوف في قوله : (وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) أي لهم أصناف.
(كَمَنْ هُوَ خالِدٌ) خبر مبتدأ مقدر ، أي أمن هو في هذا النعيم؟
البلاغة :
(فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ .. وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ .. وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ) إطناب بتكرار لفظ (أَنْهارٌ) ، تشويقا لنعيم الجنة.
المفردات اللغوية :
(مَثَلُ الْجَنَّةِ) صفة الجنة العجيبة الشأن. وهو على حذف حرف الاستفهام ، لانطوائه تحت حكم كلام مصدّر بحرف الإنكار وهو قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ ..؟) والتقدير : أمثل الجنة وأصحابها كمثل جزاء من هو خالد في النار؟ أو كمثل من هو خالد؟ فهو كلام في صورة الإثبات ، ومعنى النفي والإنكار. وفائدة التعرية عن حروف الاستفهام زيادة تصوير مكابرة من يسوّي بين الفريقين. أو فيما قصصنا عليك صفة الجنة العجيبة.
(آسِنٍ) متغيّر الطعم والرائحة لطول مكثه ، وفعله : أسن الماء بالفتح يأسن ويأسن كضرب ونصر ، أو أسن بالكسر مثل علم ، وقرئ بالمدّ والقصر كضارب وحذر ، أي ماء الجنة غير متغيّر الطعم والريح ، بخلاف ماء الدنيا ، يتغيّر بعارض. (وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ) بخلاف لبن الدنيا ، لخروجه من الضرع. (وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) أي تلذذ خالص ليس معه ذهاب عقل ولا سكر ولا صداع ، بخلاف خمر الدنيا ، فإنها كريهة عند الشرب ، و (لَذَّةٍ) : تأنيث لذّ ، أي لذيذ. (وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) منقّى خال من الشمع والقذى وفضلات النحل وغيرها ، بخلاف عسل الدنيا فإنه بخروجه من بطون النحل يخالطه الشمع وغيره ، والتوصيف بهذه الأوصاف يقتضي غزارتها واستمرارها.
(وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) أي لهم فيها أصناف من الثمار. (وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ) أي لهم مغفرة ، أي فالله راض عنهم ، مع إحسانه إليهم بما ذكر ، بخلاف الإنسان قد يكون مع إحسانه ساخطا. (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً) ماء حارا شديد الغليان ، مكان أشربة أهل الجنة. (فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) أي مصارينهم من فرط الحرارة ، جمع معىّ.