المفردات اللغوية :
(الْمُخَلَّفُونَ) المتخلفون ، جمع مخلّف : وهو المتروك في المكان خلف الخارجين عنه ، والمراد بهم هنا قبائل حول المدينة من الأعراب هم أسلم وجهينة ومزينة وغفار وأشجع والدّيل ، استنفرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الحديبية ليخرجوا معه إلى مكة للعمرة ، فتخلفوا ، واعتذروا بالشغل في أموالهم وأهليهم ، وإنما خلفهم الخذلان وضعف العقيدة والخوف من مقاتلة قريش إن صدّوهم. (مِنَ الْأَعْرابِ) قبائل من الأعراب سكان البوادي حول المدينة. (شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا) عن الخروج معك ، إذ لم يكن لنا من يقوم بأشغالنا ، وقرئ بالتشديد (شَغَلَتْنا) للتكثير ، وهذا كذب منهم. (فَاسْتَغْفِرْ لَنا) الله من التخلف أو ترك الخروج معك ، وطلب الاستغفار خبث منهم وإظهار أنهم مؤمنون عاصون ، ومصانعة من غير توبة ولا ندم.
(يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) هذا تكذيب من الله تعالى لهم في الاعتذار والاستغفار ، فهم يطلبون الاستغفار وغيره في الظاهر ، وهم كاذبون في اعتذارهم. (فَمَنْ يَمْلِكُ؟) استفهام بمعنى النفي ، أي لا أحد يمنعكم من مشيئته وقضائه ، والملك : إمساك الشيء بقوة وضبط. (ضَرًّا) بفتح الضاد وضمها ، والضر : الضرر اللاحق بالأهل والمال والنفس ، كقتل وهزيمة وهزال وسوء حال وضياع. (نَفْعاً) النفع : ما يفيد من حفظ النفس والمال والأهل. (بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) أي كان ولم يزل متصفا بذلك ، فهو يعلم تخلفكم وقصدكم فيه ، و (بَلْ) للانتقال من غرض إلى آخر.
(بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً) لظنكم أن المشركين يستأصلونهم. و (يَنْقَلِبَ) يرجع ، والأهلون : العشائر وذوو القرابة ، جمع أهل ، وقد يجمع على أهلات ، مثل أرضات على أن أصله أهلة. (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) الظن السيء ، وهو الظن المذكور. (بُوراً) جمع بائر ، أي هلكى أو هالكين عند الله بهذا الظن وفساد العقيدة وسوء النية. (فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً) وضع الكافرين موضع الضمير إيذانا بأن من لم يجمع بين الإيمان بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، فهو كافر مستوجب للسعير بكفره ، والسعير : نار ملتهبة شديدة ، وتنكيرها للتهويل ، أو لأنها نار مخصوصة.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يدبره كيف يشاء. (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) إذ لا وجوب عليه. (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) أي ولم يزل متصفا بذلك ، والغفران والرحمة من ذاته ، جاء في الحديث القدسي الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة : «سبقت رحمتي غضبي».
(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ) المذكورون. (مَغانِمَ) هي مغانم خيبر ، فإنه عليه الصلاة والسلام رجع من الحديبية في ذي الحجة ، من سنة ست ، وأقام بالمدينة بقيتها وأوائل المحرم ، ثم هاجم خيبر بمن شهد الحديبية بسبب اعتداءات اليهود المتكررة ، ففتحها وغنم أموالا كثيرة ، ثم خصها بأهل