صنع هؤلاء المخلفون ، فجزاؤهم ما أعده الله لهم من عذاب السعير والنار الشديدة الالتهاب جزاء الكفر.
ثم أبان تعالى مدى قدرته الشاملة لكل شيء ، فقال :
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ ، وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ ، وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) أي لله سلطة التصرف المطلق في أهل السموات والأرض ، يتصرف فيهم كيف يشاء ، لا رادّ لحكمه ، ولا معقب لقضائه ، ولا يحتاج إلى أحد من خلقه.
يغفر لمن يشاء أن يغفر له ذنوبه ، ويعذب بالنار من يريد أن يعذبه على كفره ومعصيته ، والله ما يزال غفورا لذنوب عباده التائبين ، رحيما يرحم جميع خلقه ، ويخص بمغفرته ورحمته من يشاء من عباده.
وفي هذا حث عام على الإصلاح ، وترغيب لهؤلاء المتخلفين وأمثالهم من المقصرين بالتوبة والإنابة والرجوع إلى أمر الله تعالى وطاعة رسوله صلىاللهعليهوسلم ، وفي الآية أيضا بيان واضح أنه تعالى يغفر للمبايعين بمشيئته ، ويعذب الآخرين بمشيئته ، وغفرانه ورحمته أعم وأشمل ، وأتم وأكمل ، وأن عظيم الملك يكون أجره في غاية السعة ، وعذابه وعقوبته في غاية النكال والألم.
طلب المشاركة في وقعة خيبر :
ثم أوضح الله تعالى كذب المتخلفين في ادعائهم الانشغال بالمال والأهل ، بدليل طلبهم السير مع النبي صلىاللهعليهوسلم إلى خيبر ، لما توقعوا من مغانم يأخذونها ، فقال :
(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها : ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ) أي سيقول هؤلاء الأعراب الذين تخلفوا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في عمرة الحديبية ، إذا انطلقتم أيها المسلمون إلى مغانم خيبر لتأخذوها وتحوزوها : اتركونا نتبعكم في