على الأصناف الثلاثة ، لأن العذر إما بسبب اختلال القوة أو إخلال في عضو ، فيقاس عليهما ما في معناهما ، كالفقر الذي يمنع من إحضار السلاح حال التطوع بالجهاد ودون تقديمه من الدولة ، والاشتغال بذوي الحاجة والضعف كطفل ومريض ، ونحو ذلك مما يعرف في الفقه. وقد ضبط الفقهاء الأعذار المانعة من الجهاد بأن المانع إما عجز حسي أو عجز حكمي.
فمن الأول : الصغر والجنون والأنوثة والمرض المانع من الركوب للقتال ، والعرج البيّن ، وفقد الصبر ، وعدم وجدان السلاح وآلات القتال.
ومن الثاني : الرق والدّين الحالّ بلا إذن رب الدين ، وعدم إذن أحد الأبوين المسلمين.
ودل قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ ..) على الحث على الجهاد والترهيب من ترك القتال ، فإن من أطاع الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم وجاهد في سبيل الله ، أدخله الله جنات تجري من تحتها الأنهار ، ومن أعرض عن المشاركة في الجهاد ، عذّبه عذابا شديد الألم ، لعظم جرمه ، وإساءته للمجتمع الإسلامي.
فإن الجهاد سبيل لدحر العدوان ، وطرد المعتدين ، والتخلص من أذاهم ، وهو طريق العزة والكرامة ، وصون الاستقلال ، وحماية حرمات البلاد والأوطان ، والحفاظ على كيان الأمة ، ولو لاه لذابت الأمم ، وزالت الأديان والقيم ، وانصهرت الجماعات ، ولحق الذل والهوان والاستعباد بالشعوب إلى الأبد ، أو إلى أن تصحو وتستيقظ من رقادها وسباتها ، وتنفض الذل عن هاماتها.
لذا جعله الله فريضة على المؤمنين ، وإن كان مكروها على النفس ، ليعلم الصادق في إيمانه ، الصابر على تحمل مشاق التكاليف ، واختبار أعمال الناس حسنات أو سيئات ، فيجازيهم بها.