كفّ أيدي المشركين عن المسلمين ، وأيدي المسلمين عن المشركين ، لما جاؤوا يصدّون رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومن معه عن البيت الحرام عام الحديبية ، في داخل مكة وحدودها ، فإن ثمانين رجلا من أهل مكة ـ كما تقدّم في سبب النزول ـ هبطوا على النّبي صلىاللهعليهوسلم من قبل جبل التنعيم ، متسلحين ، يريدون غرّة النّبي صلىاللهعليهوسلم ، فأخذهم المسلمون ، ثم تركوهم. وهذا امتنان من الله تعالى على عباده المؤمنين بكفّ المشركين عنهم ، وكفّ المسلمين عن الكفار.
وكان الله وما يزال بصيرا بأعمال عباده المؤمنين والمشركين ، لا يخفى عليه من ذلك شيء. وعلى هذا ، ليس المراد من قوله : (مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) فتح مكة ، فالصحيح أن هذه الآية نزلت في الحديبية قبل فتح مكة ، وأن مكة فتحت عنوة ، وإنما المراد : ما بعد الأسر لم يحدث قتل.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات البيّنات إلى ما يأتي :
١ ـ وعد الله تعالى المؤمنين الصادقين مغانم الأعداء إلى يوم القيامة ، ومغانم خيبر المعجلة جزء منها.
٢ ـ إتماما للمنّة والفضل الإلهي ، منع الله تعالى عباده المؤمنين وحماهم من أذى وحرب أهل مكة ، وكفّهم عنهم بالصلح ، كما كفّ أيدي اليهود عن المدينة بعد خروج النّبي صلىاللهعليهوسلم إلى الحديبية وخيبر ، وأيدي اليهود وحلفائهم من أسد وغطفان عن قتال المسلمين في خيبر. وكان قد جاء عيينة بن حصن وعوف بن مالك النّضري ومن كان معهما لينصروا أهل خيبر ، والمسلمون محاصرون لهم ، فألقى الله في قلوبهم الرعب ، وكفّهم عن المسلمين ، وزاد الله هؤلاء هدى ، وثبّتهم على الهداية.