وجاء في السيرة : أن عمر بن الخطاب قال : أتيت النبي صلىاللهعليهوسلم فقلت : ألست نبي الله حقا؟ قال : بلى ، قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذن؟ قال : إني رسول الله ، ولست أعصيه وهو ناصري ، قلت : أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال : فأتيت أبا بكر ، فقلت : يا أبا بكر : أليس هذا نبي الله حقا؟ قال : بلى ، قلت : ألسنا على الحق ، وعدونا على الباطل؟ قال : بلى. قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا؟.
قال : أيها الرجل ، إنه رسول الله ، وليس يعصي ربه ، وهو ناصره ، فاستمسك بغرزه (١) ، فو الله إنه لعلى الحق ، قلت : أليس كان يحدثنا أنه سيأتي البيت ويطوف به؟ قال : بلى ، قال : فأخبرك أنه آتيه العام؟ قلت : لا ، قال : فإنك تأتيه وتطوف به (٢).
التفسير والبيان :
(لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ، لا تَخافُونَ ، فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا ، فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً) أي تالله لقد صدّق الله تعالى تأويل رؤياه التي رآها تصديقا مقترنا بالحق ، أنكم ستدخلون المسجد الحرام بمشيئة الله في العام القابل ، وليس في هذا العام عام الحديبية ، حالة كونكم آمنين من العدو ، ومحلقا بعضكم جميع شعره ، ومقصرا بعضكم الآخر ، وأنكم غير خائفين.
وهذا تأكيد للأمن ، فإنه تعالى أثبت لهم الأمن حال الدخول ، ونفى عنهم الخوف حال استقرارهم في البلد ، لا يخافون من أحد. وكان ذلك في عمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم لما رجع من الحديبية في ذي القعدة إلى
__________________
(١) أي سر على نهجه.
(٢) انظر تفسير ابن كثير : ٤ / ١٩٤ ـ ٢٠٠