(كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ ، فَاسْتَغْلَظَ ، فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ) تشبيه تمثيلي ، وجه الشب فيه منتزع من متعدد.
ويلاحظ مراعاة الفواصل في كل آيات السورة على وتيرة واحدة من قوله تعالى : (مُبِيناً مُسْتَقِيماً) إلى قوله : (عَظِيماً).
المفردات اللغوية :
(وَالَّذِينَ مَعَهُ) أصحابه المؤمنون (أَشِدَّاءُ) غلاظ قساة جمع شديد (رُحَماءُ) متعاطفون متوادّون في قلوبهم رحمة ، كالوالد مع الولد ، جمع رحيم ، والمعنى : أنهم يغلظون في القتال على أعدائهم ، ويتراحمون فيما بينهم ، كقوله تعالى : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) [المائدة ٥ / ٥٤].
(تَراهُمْ) تبصرهم (رُكَّعاً سُجَّداً) لأنهم مشتغلون بالصلاة في أكثر أوقاتهم (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) يطلبون الثوب والرضى (سِيماهُمْ) علامتهم ، والمراد : السمة التي تحدث في جباههم من كثرة السجود ، أو هي نور وبياض يعرفون به بالآخرة أنهم سجدوا في الدنيا (مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) كائنة منه (ذلِكَ) الوصف المذكور (مَثَلُهُمْ) صفتهم العجيبة الجارية مجرى الأمثال في الغرابة (شَطْأَهُ) فراخه أو فروعه التي تنبت حول الأصل (فَآزَرَهُ) أعانه وقوّاه ، من المؤازرة : المعاونة (فَاسْتَغْلَظَ) فغلظ (فَاسْتَوى) قوي واشتد واستقام (عَلى سُوقِهِ) أصوله وقضبانه ، جمع ساق (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) لحسنه جمع زارع ، مثّل الصحابة رضياللهعنهم بذلك ، لأنهم بدؤوا في قلة وضعف ، فكثروا وقووا ، فترقى أمرهم بحيث أعجب الناس.
(لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) متعلق بمحذوف ، دل عليه ما قبله ، أي شبهوا بذلك ، فهو علة لتشبيههم بالزرع في زكائه واستحكامه (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ) لما سمع الكفار بهذا غاظهم ذلك ، وقوله (مِنْهُمْ) لبيان الجنس أي الصحابة ، لا للتبعيض ، لأنهم كلهم بالصفة المذكورة (وَأَجْراً عَظِيماً) الجنة. والمغفرة والأجر هما أيضا لمن بعدهم من المؤمنين والمؤمنات.
المناسبة :
بعد بيان كون النبي صلىاللهعليهوسلم مرسلا بالهدى ودين الحق ، بيّن حال الرسول والمرسل إليهم ، فأكد الشهادة في قوله : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) بقوله : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) ثم وصف صحابته بأوصاف عجيبة : هي الشدة على الأعداء ، والرحمة بالمؤمنين ، وكثرة العبادة ، والحرص على الثواب والرضى من الله ، والتميز