سبب النزول :
نزول الآية (٦):
(إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ) : ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة. أخرج ابن جرير وأحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن أبي الدنيا وابن مردويه بسند جيد عن ابن عباس : أن الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، بعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بني المصطلق مصدّقا (١) ، وكان بينهما إحنة (٢) ، فلما سمعوا به ركبوا إليه ، فلما سمع بهم خافهم ، فرجع فقال : إن القوم همّوا بقتلي ، ومنعوا صدقاتهم ، فهمّ النبي صلىاللهعليهوسلم بغزوهم ، فبيناهم في ذلك إذ قدم وفدهم ، وقالوا : يا رسول الله ، سمعنا برسولك ، فخرجنا نكرمه ، ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة ، فاتهمهم النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : «لتنتهنّ أو لأبعثنّ إليكم رجلا هو عندي كنفسي ، يقاتل مقاتلتكم ، ويسبي ذراريكم» ثم ضرب بيده على كتف علي رضياللهعنه ، فقالوا : نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله صلىاللهعليهوسلم.
وقيل : بعث إليهم خالد بن الوليد ، فوجدهم منادين بالصلاة ، متهجدين ، فسلموا إليه الصدقات ، فرجع.
ولا خلاف في أن الشخص الذي جاء بالنبإ هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط. والآية وإن وردت لسبب خاص فهي عامة لبيان التثبت ، وترك الاعتماد على قول الفاسق ، قال الحسن البصري : فو الله لئن كانت نزلت في هؤلاء القوم خاصة ، إنها لمرسلة إلى يوم القيامة ، ما نسخها شيء.
وأكد الرازي ذلك بأن إطلاق لفظ الفاسق على الوليد سيء بعيد ، لأنه توهّم وظنّ فأخطأ ، والمخطئ لا يسمى فاسقا ، كيف والفاسق في أكثر المواضع : المراد به
__________________
(١) المصدّق : الذي يأخذ صدقات (زكوات) الغنم.
(٢) الإحنة : الحقد ، جمع إحن.