رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ ، بين يدي الرحمن عزوجل بما أقسطوا في الدنيا» (١).
وأخرج مسلم والنسائي عن عبد الله بن عمرو رضياللهعنهما عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «المقسطون عند الله تعالى يوم القيامة على منابر من نور ، على يمين العرش ، الذين يعدلون في حكمهم وأهاليهم وما ولّوا».
ثم أمر الله تعالى بالإصلاح في غير حال القتال ولو في أدنى اختلاف ، فقال :
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ، فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ، وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) أي تتميما للإرشاد ذكر تعالى أن المؤمنين إخوة في الدين ، ويجمعهم أصل واحد وهو الإيمان ، فيجب الإصلاح بين كل أخوين متنازعين ، وزيادة في أمر العناية بالإصلاح بين الأخوين أمر الله بالتقوى ، والمعنى : فأصلحوا بينهما ، وليكن رائدكم في هذا الإصلاح وفي كل أموركم تقوى الله وخشيته والخوف منه ، بأن تلتزموا الحق والعدل ، ولا تحيفوا ولا تميلوا لأحد الأخوين ، فإنهم إخوانكم ، والإسلام سوّى بين الجميع ، فلا تفاضل بينهم ولا فوارق ، ولعلكم ترحمون بسبب التقوى وهي التزام الأوامر واجتناب النواهي.
ويلاحظ أنه قال : اتقوا الله عند تخاصم رجلين ، ولم يقل ذلك عند إصلاح الطائفتين ، لأنه في حالة تخاصم الرجلين يخشى اتساع الخصومة ، وأما في حال تخاصم الطائفتين فإن أثر الفتنة أو المفسدة عام شامل الكل.
وكلمة (إِنَّمَا) للحصر تفيد أنه لا أخوة إلا بين المؤمنين ، ولا أخوة بين المؤمن والكافر ، لأن الإسلام هو الرباط الجامع بين أتباعه ، وتفيد أيضا أن أمر الإصلاح ووجوبه إنما هو عند وجود الأخوة في الإسلام ، لا بين الكفار. فإن كان
__________________
(١) إسناده جيد قوي ، ورجاله على شرط الصحيح.