على أنباء الفاسقين ، ثم نهى عن الأخلاق المرذولة التي ينشأ عنها النزاع ، ثم أعلن وحدة الإنسانية في الأصل والمنشأ ، كل ذلك من أجل الحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية ، وجعلها مثالا يحتذي في التعامل مع الأمم والشعوب الأخرى ، لنشر الإسلام وإعلاء كلمة الله في كل مكان.
التفسير والبيان :
هذه أخلاق الإسلام وآدابه العالية أدّب الله تعالى بها عباده المؤمنين وهي :
١ ـ النهي عن السخرية بالناس ، وهو احتقارهم وازدراؤهم والاستهزاء بهم :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ ، عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ ، وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَ) أي يا أيها المؤمنون بالله ورسوله لا يهزأ رجال من آخرين ، فربما كان المسخور بهم عند الله خيرا من الساخرين بهم ، أو قد يكون المحتقر أعظم قدرا عند الله تعالى وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له ، فهذا حرام قطعا ، ذكر فيه علة التحريم أو النهي ، كما قال بعضهم :
لا تهين الفقير علّك أن |
|
تركع يوما ، والدهر قد رفعه |
فقوله : (عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ) تعليل للنهي.
وقال صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه الحاكم وأبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة ـ «ربّ أشعث أغبر ذي طمرين (١) تنبو عنه أعين الناس ، لو أقسم على الله لأبرّه» ورواه أحمد ومسلم بلفظ : «رب أشعث مدفوع بالأبواب ، لو أقسم على الله لأبرّه».
وبالرغم من أن النساء يدخلن عادة في الخطاب التشريعي مع الرجال ، فقد أفردهن بالنهي هنا دفعا لتوهم عدم شمول النهي لهن ، وأكد معنى النهي للنساء أيضا ، وذلك بالأسلوب نفسه ، فنص على نهي الرجال ، وعطف بنهي النساء ،
__________________
(١) الطّمر : الثوب الخلق البالي.