والفرق بين السخرية واللمز : أن السخرية احتقار الشخص مطلقا ، على وجه مضحك بحضرته ، واللمز : التنبيه على معايبه ، سواء أكان على شيء مضحك أم غيره ، وسواء أكان بحضرته أم لا ، وعلى هذا يكون اللمز أعم من السخرية ، ويكون من عطف العام على الخاص ، لإفادة الشمول.
٣ ـ التنابز بالألقاب أي التداعي بالألقاب التي يسوء الشخص سماعها : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) أي لا يلقّب بعضكم بعضا لقب سوء يغيظه ، كأن يقول المسلم لأخيه المسلم : يا فاسق ، يا منافق ، أو يقول لمن أسلم : يا يهودي أو يا نصراني ، أو يقول لأي إنسان : يا كلب ، يا حمار ، يا خنزير ، ويعزر المرء القائل ذلك بعقوبة تعزيرية. وقد نص العلماء على تحريم تلقيب الإنسان بما يكره ، سواء أكان صفة له أم لأبيه أم لأمه ، أم لكل من ينتسب إليه. والتنابز يقتضي المشاركة بين الاثنين ، وعبر بذلك لأن كل واحد سرعان ما يقابل الآخر بلقب ما ، فالنبز يفضي في الحال إلى التنابز ، بعكس اللمز يكون غالبا من جانب ، ويحتاج للبحث عن عيب ما يرد به.
ويستثني من ذلك : أن يشتهر بلقب لا يسوؤه ، فيجوز إطلاقه عليه ، كالأعمش والأعرج من رواة الحديث. أما الألقاب المحمودة فلا تحرم ولا تكره كما قيل لأبي بكر : عتيق ، ولعمر : الفاروق ، ولعثمان : ذو النورين ، ولعلي : أبو تراب (١) ، ولخالد : سيف الله ، ولعمرو بن العاص : داهية الإسلام.
(بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) أي ساء الوصف أن يسمى الرجل فاسقا أو كافرا أو زانيا بعد إسلامه وتوبته ، أو أن يذكر بالفسوق بعد الدخول في الإيمان. والفسوق : هو التنابز بالألقاب كما كان أهل الجاهلية يفعلون بعد ما دخلوا في الإسلام وعقلوه. والمراد : ذم اجتماع صفة الفسوق بسبب التنابز
__________________
(١) لما عليه من التراب عند ما أيقظه صلىاللهعليهوسلم من نومه تحت نخيل في أرض بني مدلج.