صراحة أم إشارة أم نحو ذلك ، لما فيه من الأذى بالمغتاب. وهو يتناول كل ما يكره ، سواء في دينه أو دنياه ، في خلقه أو خلقه ، في ماله أو ولده أو زوجته أو خادمه أو لباسه ونحو ذلك.
وقد فسر النبي صلىاللهعليهوسلم الغيبة فيما رواه أبو داود والترمذي وابن جرير عن أبي هريرة قال : قيل : يا رسول الله ما الغيبة؟ قال صلىاللهعليهوسلم : «ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال صلىاللهعليهوسلم : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتّه» أي فإن كان الوصف موجودا فيه فهو الغيبة ، وإن كان مفترى والمغتاب خال من ذلك ، فذلك هو البهتان.
وروى أبو داود أيضا عن عائشة رضياللهعنها قالت : قلت للنبي صلىاللهعليهوسلم : حسبك من صفية كذا وكذا ـ أي قصيرة ـ فقال صلىاللهعليهوسلم : «لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته» قال معاوية بن قرّة : لو مرّ بك رجل أقطع (مقطوع اليد) فقلت : هذا أقطع كان غيبة.
ثم شبّه الله تعالى الغيبة بأكل لحم الإنسان الميت للتنفير ، وهو أيحب أحدكم أن يتناول لحم أخيه بعد موته؟ فكما كرهتم هذا ، فاجتنبوا ذكره بالسوء غائبا ، فإنه تعالى مثّل الغيبة بأكل جثة الإنسان الميت ، وهذا من التنفير ، فإن لحم الإنسان مما تنفر عن أكله الطباع الإنسانية ، فضلا عن كونه محرّما شرعا ، وفي الآية أنواع من المبالغات : منها الاستفهام للتقرير ومحبة المكروه ، وإسناد الفعل إلى (أَحَدُكُمْ) للإشعار بأن لا أحد يحب ذلك ، وتقييد المكروه بأكل لحم الإنسان ، وتقييد الإنسان بالأخ ، وجعل الأخ أو اللحم ميتا ، فيه مزيد تنفير للطبع.
وهذا دليل على تحريم الغيبة وعلى قبحها شرعا ، لذا كانت الغيبة محرّمة بالإجماع وعلى المغتاب التوبة إلى الله والاستحلال ممن اغتابه ، ولا يستثني من