والآية دليل للمالكية الذين لم يشترطوا الكفاءة في الزواج ، سوى الدين ، لقوله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ).
وقد وردت أحاديث صحاح كثيرة ، منها ما رواه أبو بكر البزار في مسنده عن حذيفة رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كلكم بنو آدم وآدم خلق من تراب ، ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم ، أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان».
وروى ابن أبي حاتم والترمذي عن ابن عمر رضياللهعنهما قال : طاف رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم فتح مكة على ناقته القصواء يستلم الأركان بمحجن في يده ، فما وجد لها مناخا في المسجد ، حتى نزل صلىاللهعليهوسلم على أيدي الرجال ، فخرج بها إلى بطن المسيل ، فأنيخت ، ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطبهم على راحلته ، فحمد الله تعالى ، وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال :
«يا أيها الناس ، إن الله تعالى قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتعظمها بآبائها ، فالناس رجلان : رجل برّ تقي كريم على الله تعالى ، ورجل فاجر شقي هيّن على الله تعالى ، إن الله عزوجل يقول : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى ، وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا ، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ثم قال صلىاللهعليهوسلم : أقول قولي هذا ، وأستغفر الله لي ولكم» (١).
وروى الطبري في آداب النفوس قال : «خطب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمنى في وسط أيام التشريق ، وهو على بعير ، فقال :
يا أيها الناس ، ألا إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، ألا لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا لأسود على أحمر ، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ، ألا هل بلّغت؟ قالوا : نعم ، قال : فليبلّغ الشاهد الغائب».
__________________
(١) فيه راو ضعيف ، وهو عبد الله بن جعفر ، والد علي بن المديني.