اغتاب أحدا عليه أن يتوب إلى الله عزوجل ، مع استحلال المغتاب في رأي جماعة ، ودون استحلاله في رأي آخرين كما تقدم.
والفرق بين الغيبة والإفك والبهتان : أن الغيبة أن تقول في أخيك ما هو فيه ، والإفك : أن تقول فيه ما بلغك عنه ، والبهتان : أن تقول فيه ما ليس فيه. والله تعالى نفرّ من الغيبة أشد تنفير ، مشبها الاغتياب بأكل لحم الإنسان ميتا.
وقد ذكر العلماء أشياء ليس لها حكم الغيبة ، فالغيبة لا تحرم إذا كانت لغرض صحيح شرعا لا يتوصل إليه إلا به وهي ستة أمور (١) :
الأول ـ التظلم : فلمن ظلم تقديم شكوى للحاكم لإزالة ظلمه ، لحديث أخرجه البخاري والترمذي عن أبي هريرة : «دعوه فإن لصاحب الحق مقالا» وحديث أخرجه أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة : «مطل الغني ظلم» أو «ليّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن الشريد.
الثاني ـ الاستعانة على تغيير المنكر : بأن يذكره لمن يظن قدرته على تغييره ، لقوله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) [النساء ٤ / ١٤٨].
الثالث ـ الاستفتاء : كأن يقول للمفتي : ظلمني فلان بكذا ، فما طريق الوصول إلى حقي؟ لقول هند للنبي صلىاللهعليهوسلم في الحديث المتفق عليه عن عائشة : «إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني أنا وولدي ، فآخذ من غير علمه؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : نعم فخذي».
الرابع ـ التحذير من الفسّاق : فلا غيبة لفاسق فاجر كمدمن خمر وارتياد أماكن الفجور ، للحديث الذي رواه الطبراني وابن حبان في الضعفاء وابن عدي عن بهز بن حكيم : «اذكروا الفاسق بما فيه كي يحذره الناس» وفي رواية للبيهقي
__________________
(١) انظر الإحياء للغزالي : ٣ / ١٣٢