والأصول ، فكل ذلك اعتبارات وهمية مصطنعة تتعارض مع وحدة الأصل والمنشأ الإنساني.
وأما التقوى : فهي ميزان التفاضل بين الناس ، فالأكرم عند الله ، الأرفع منزلة لديه تعالى في الدنيا والآخرة هو الأتقى الأصلح لنفسه وللجماعة ، فإن حدث تفاخر فليكن بالتقوى التي هي التزام المأمورات واجتناب المنهيات.
أخرج الترمذي عن سمرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الحسب المال ، والكرم التقوى» وفي حديث آخر : «من أحب أن يكون أكرم الناس ، فليتق الله». وعن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الله تعالى يقول يوم القيامة : إني جعلت نسبا ، وجعلتم نسبا ، فجعلت أكرمكم أتقاكم ، وأبيتم إلا أن تقولوا : فلان بن فلان ، وأنا اليوم أرفع نسبي ، وأضع وأنسابكم ، أين المتقون ، أين المتقون؟!».
وروى الطبري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن أوليائي المتقون يوم القيامة ، وإن كان نسب أقرب من نسب ، يأتي الناس بالأعمال ، وتأتون بالدنيا تحملونها على رقابكم ، تقولون : يا محمد ، فأقول : هكذا وهكذا» وأعرض في كل عطفيه.
٤ ـ احتج مالك بآية (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) على عدم اشتراط النسب في الكفاءة في الزواج إلا الدين ، فيجوز زواج الموالي بالعربية ، وقد تزوج سالم مولى امرأة من الأنصار هندا بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة ، وتزوج بلال أخت عبد الرحمن بن عوف ، وتزوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش ، فالكفاءة إنما تراعى في الدّين فقط. قال صلىاللهعليهوسلم في الحديث الذي رواه الجماعة (أحمد وأصحاب الكتب الستة): «تنكح المرأة لما لها ولحسبها ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدّين ، تربت يداك».
وقال الجمهور : يراعى الحسب والمال ، عملا بالأعراف ، ومراعاة لواقع الحياة المعيشية ، وتحقيقا لهدف الزواج وهو الدوام والاستقرار.