وصدوع ، كما قال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ، ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ ، فَارْجِعِ الْبَصَرَ ، هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ ، ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً ، وَهُوَ حَسِيرٌ) [الملك ٦٧ / ٣ ـ ٤] أي يرجع كليلا عن أن يرى عيبا أو نقصا. وقوله : (فَوْقَهُمْ) مزيد توبيخ لهم ، ونداء عليهم بغاية الغباوة.
(وَالْأَرْضَ مَدَدْناها ، وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ ، وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) أي وكذلك ، أولم ينظروا إلى الأرض التي بسطناها ووسعناها ، وألقينا فيها جبالا ثوابت لئلا تميد بأهلها وتضطرب ، وأنبتنا فيها من كل صنف ذي بهجة وحسن منظر ، من جميع الزروع والثمار والأشجار والنباتات المختلفة الأنواع ، كما قال تعالى : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ ، لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الذاريات ٥١ / ٤٩].
(تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) أي فعلنا ذلك لتبصرة العباد وتذكيرهم ، فيتبصر بكل ما ذكر ويتأمل العبد المنيب الراجع إلى ربّه وطاعته ، ويفكر في بدائع المخلوقات.
ثم أوضح الله تعالى كيفية الإنبات ، فقال :
(وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً ، فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) أي ولينظروا إلى قدرتنا كيف أنزلنا من السحاب ماء المطر الكثير المنافع ، المنبت للبساتين الكثيرة الخضراء والأشجار المثمرة ، وحبات الزرع الذي يحصد ويقتات كالقمح والشعير ونحوهما.
(وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) أي وأنبتنا به أيضا النخيل الطوال الشاهقات ، التي لها طلع (وهو أول ما يخرج من ثمر النخل) منضّد متراكم بعضه على بعض ، والمراد كثرة الطلع وتراكمه الدال على كثرة التمر.