وفائدة إعادة هذا الدليل بعد المذكور في الآية السابقة : هو أن قوله : (فَأَنْبَتْنا بِهِ) استدلال بالنبات نفسه ، أي الأشجار تنمو وتزيد ، فكذلك بدن الإنسان بعد الموت ينمو ويزيد ، بأن يرجع إليه قوة النشوء والنماء كما يعيدها إلى الأشجار بواسطة ماء السماء.
(رِزْقاً لِلْعِبادِ ، وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً ، كَذلِكَ الْخُرُوجُ) أي أنبتنا كل ما ذكر للرزق ، أي إن إنبات النباتات والأشجار والنخيل ، ليكون أرزاقا وأقواتا للعباد. وأحيينا بالماء بلدة مجدبة ، لا ثمار فيها ولا زرع ، وإن الخروج من القبور عند البعث كمثل هذا الإحياء الذي أحياء الله به الأرض الميتة ، فكما أن هذا مقدور لله ، فذلك أيضا مقدور له. وهذا تشبيه قريب الإدراك ، ومن واقع الحياة الملحوظة المجاورة للإنسان ، وهو أيضا تفخيم لشأن الإنبات ، وتهوين لأمر البعث في مقدور القدرة الإلهية.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلّت الآيات على ما يأتي :
١ ـ القرآن كثير الخير والمنفعة عظيم المجد والقدر والرفعة ، وقد أقسم الله به للدلالة على ما فيه من الخيرات.
٢ ـ لقد تعجب الكفار من قريش من أمرين : إرسال رسول بشر يخوفهم من عذاب الله من جنسهم وهو محمد صلىاللهعليهوسلم ، وإمكان حدوث البعث والمعاد والرجوع إلى الحياة بعد الموت مرة أخرى.
٣ ـ إن الله لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، وعالم بكل شيء ، فهو سبحانه قادر على إحياء الموتى ، عالم بما تؤول إليه الأجساد من ذرأت متفتتة وعظام بالية ، ولا يشتبه عليه جزء أحد على الآخر ، وقادر على جمعها وتأليفها