وإحيائها مرة أخرى ، كما خلق الناس جميعا في مبدأ الأمر من التراب : (مِنْها خَلَقْناكُمْ ، وَفِيها نُعِيدُكُمْ ، وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) [طه ٢٠ / ٥٥].
٤ ـ إن سبب تكذيب الكفار بالبعث وبالمعاد وعنادهم : هو تكذيبهم بالحق الثابت الذي لا شكّ فيه ، وهو القرآن الكريم المنزل من عند الله ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والنبوة الثابتة بالمعجزات ، فصاروا في أمر دينهم في قلق واضطراب.
٥ ـ الأدلة على قدرة الله تعالى العظيمة لإثبات البعث وإمكانه كثيرة ، منها خلق الكون المشتمل على السموات المبنية بغير أعمدة ، المزينة بالكواكب المنيرة ، الخالية من الشقوق والصدوع ، والمتضمن الأرض البديعة الجميلة التي بسطها الله لتصلح للعيش الهنيء المريح ، وثبتها بالجبال الراسخات الشامخات ، وأنبت فيها النباتات والأشجار ذات الألوان المختلفة والأشكال العجيبة والروائح العطرة والثمار الطيبة اليانعة.
فعل الله ذلك تبصيرا وتنبيها للعباد على قدرته ، وتذكيرا لكل عبد راجع إلى الله تعالى ، مفكّر في قدرته.
٦ ـ ومن أدلة القدرة الفائقة لله تعالى إنزال المطر الكثير البركة والنفع من السحاب ، الذي أنبت به البساتين ، والحبوب المحصودة زروعها ، المقتاتة على مدار العام ، والنخيل الطوال الشاهقات ذات الطلع (وهو أول ما يخرج من ثمر النخل).
٧ ـ وكما أحيا الله هذه الأرض الميتة ، فكذلك يخرج الناس أحياء بعد موتهم. وهذا دليل الإبقاء للأشياء المخلوقة بعد ذكر دليل الإحياء ، فأبان تعالى أولا أنه يحيي الموتى ، ثم بيّن أنه يبقيهم.