البلاغة :
(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً) بعد قوله : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) من قبيل ذكر الخاص بعد العام لزيادة العناية بالأم.
(حَمَلَتْهُ وَوَضَعَتْهُ) بينهما طباق.
المفردات اللغوية :
(وَوَصَّيْنَا) من التوصية والإيصاء والوصية : وهي الأمر المقترن بضرورة الاعتناء والاهتمام ، أي أمرنا (إِحْساناً) أن يحسن لهما إحسانا : وهو ضد الإساءة ، والحسن ضد القبح ، أي أن يفعل معهما فعلا ذا حسن (كُرْهاً) مشقة. (وَحَمْلُهُ) مدة حمله. (وَفِصالُهُ) فطامه ، أي المدة القصوى لفطامه من الرضاع سنتان ، وأقل مدة الحمل ستة أشهر ، والباقي أكثر مدة الرضاع. (حَتَّى إِذا) غاية لجملة مقدرة ، أي وعاش حتى (بَلَغَ أَشُدَّهُ) بلوغ الأشد : كمال العقل والرأي والقوة ، وأقله ثلاثون أو ثلاث وثلاثون سنة. (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) أي تمامها ، وهو أكثر الأشد ، قيل : لم يبعث نبي إلا بعد الأربعين. قال البيضاوي : وفيه دليل على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، لأنه إذا حط منه للفصال حولان لقوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) [البقرة ٢ / ٢٣٣] بقي ذلك ، وبه قال الأطباء. ولعل تخصيص أقل الحمل وأكثر الرضاع لانضباطهما وتحقق ارتباط حكم النسب والرضاع بهما.
(أَوْزِعْنِي) ألهمني ووفقني ورغّبني. (نِعْمَتَكَ) نعمة الدين وغيرها من النعم. (وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ) نكّر كلمة (صالِحاً) أي عملا صالحا للتعظيم ، أو أنه أراد أي عمل أو نوع من جنس الأعمال يحقق رضا الله عزوجل. (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) اجعل الصلاح ساريا في ذريتي راسخا فيهم. (أُولئِكَ) أي قائلو هذا القول (الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) أي حسن أعمالهم وطاعاتهم ، فإن المباح حسن ولا يثاب عليه وقرئ : يتقبل. (وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) لتوبتهم وقرئ : ويتجاوز. (فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ) أي كائنين في عدادهم أو معدودين فيهم. (وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) في الدنيا في قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ) [التوبة ٩ / ٧٢].
سبب النزول :
نزول الآية (١٥):
(حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) : روى الواحدي عن ابن عباس قال : أنزلت في