ويقبلوا على طلب الدين ، فإن ضرب الأمثال الواقعية يستدعي عمق التأمل ، وتغيير المواقف ، وفيه تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم في تكذيب قومه.
التفسير والبيان :
(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ ، وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ ، إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) أي واذكر أيها النبي لقومك أخا عاد : وهو هود عليهالسلام الذي كان أخاهم في النسب ، لا في الدين ، بعثه الله إلى عاد الأولى الذين كانوا يسكنون الأحقاف في حضر موت ، جمع حقف : وهو الهضبة من الرمل العظيم ، وهو الأصح ، أو واد يدعى برهوت ، وأعلمهم أن الرسل الذين بعثوا قبل هود وبعده أنذروا نحو إنذاره بألا يعبدوا غير الله ولا يشركوا معه إلها آخر ، فإني أخشى عليكم عذاب يوم عظيم الأهوال.
ونظير الآية قوله عزوجل : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ : أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ ، إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) [فصلت ٤١ / ١٣ ـ ١٤].
فأجابه قومه قائلين :
(قالُوا : أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا؟ فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أي قال قومه له : هل جئتنا لتصرفنا وتصدنا عن عبادة آلهتنا إلى عبادة ما تدعونا إليه ، فأتنا بما تعدنا من العذاب العظيم إن كنت صادقا في قولك ووعدك لنا به على الشرك.
وهذا دليل واضح على أنهم استعجلوا عذاب الله وعقوبته ، استبعادا منهم وقوعه ، وإنكارا لحصوله ، كقوله سبحانه : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) [الشورى ٤٢ / ١٨]. وفيه دلالة على أن الوعد قد يستعمل في موضع الوعد.