الأعداء ، وإنما كان انتشاره بالقناعة الذاتية ، وبالاستحسان الحر الطليق دون إجبار ولا إكراه : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) [البقرة ٢ / ٢٥٦].
وصريح الآية يوجب القتل فقط قبل الإثخان ، والتخيير بعد الأسر بين المن والفداء. وجاءت السنة مبينة جواز القتل بعد الأسر للمصلحة ، كما جاء فيها إباحة الاسترقاق جريا على العادة السائدة في الماضي ومعاملة بالمثل. والظاهر أن الآية نزلت بعد وقعة بدر ، فإن الله تعالى عاتب المؤمنين على الاستكثار من الأسارى يومئذ ، ليأخذوا منهم الفداء.
ثم بيّن الله تعالى الحكمة في شرع القتال ، فقال :
(ذلِكَ ، وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ ، وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) أي ذلك هو الحكم في قتال الكفار ، والله قادر على الانتصار من أعدائه بالانتقام منهم ، وإهلاكهم وتعذيبهم بما شاء من أنواع العذاب كالخسف والرجفة والغرق ، دون قتال منكم أيها المؤمنون ، ولكن الله أمركم بحربهم ليختبر بعضكم ببعض ، فيعلم المجاهدين في سبيله ، والصابرين على ابتلائه ، ويجزل ثوابهم ، ويعذب الكفار بأيديهم ، أو يحملهم الخوف على الإيمان بالله تعالى قبل نزول العذاب بهم ، ومشاهدة قتل أمثالهم ، فالحكمة من القتال : هي امتحان الناس واختبار صبرهم على المكاره : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ، وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ ، وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) [آل عمران ٣ / ١٤٢].
ثم ذكر الله تعالى ثواب الشهداء المجاهدين في سبيله قائلا :
١ ـ (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ) أي إن المقتولين في سبيل الله لا يضيع الله سبحانه أجرهم ، ولن يجعل أعمالهم ضائعة كما تضيع أعمال الكفار.