أهلكناهم ، فحذف الأصل ، وأقيم ضمير القرية مقامهم ، فصار ضمير القرية في موضع رفع ب «أخرج» كما كان ضمير الأهل كذلك ، ثم استتر ضمير القرية في «أخرج» وظهرت علامة التأنيث ، لأن القرية مؤنثة ، وهذا من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، مثل (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) [محمد ٤٧ / ٢١] أي أصحاب الأمر.
البلاغة :
(وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) من وضع الظاهر موضع المضمر.
(الَّتِي أَخْرَجَتْكَ) مجاز مرسل أي أخرجك أهلها ، والإخراج باعتبار التسبب. وكذا قوله (مِنْ قَرْيَةٍ) مجاز مرسل أطلق المحل وأريد الحالّ.
المفردات اللغوية :
(دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ) أهلك أنفسهم وأولادهم وأموالهم ، وهو أبلغ من قوله : دمرهم الله ، فهذا يدلّ على الإهلاك مطلقا ، والأول : إهلاك ما يختص به الإنسان من نفسه وماله وولده وغيره. (وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) أمثال تلك العاقبة أو العقوبة ، لأن التدمير يدلّ عليها. (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ) أي نصر المؤمنين وقهر الكافرين بسبب ولاية الله. (مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) ولي وناصر المؤمنين ، أي ناصر المؤمنين على أعدائهم. (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) لا ناصر لهم يدفع العذاب عنهم. ويأتي المولى بمعنى المالك كما في قوله تعالى : (وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) [يونس ١٠ / ٣٠] أي إلى مالك أمورهم والمتصرف في شؤونهم.
(يَتَمَتَّعُونَ) ينتفعون بمتاع الدنيا. (وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ) ليس لهم همّ إلا بطونهم وفروجهم ، ولا يلتفتون إلى العاقبة أو الآخرة. (مَثْوىً) منزل ومقام ومصير. (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ) أي وكم من أهل قرية. (مِنْ قَرْيَتِكَ) أي مكة أي من أهل مكة ، حذف المضاف وأجريت أحكامه على المضاف إليه ، وقوله (مِنْ قَرْيَتِكَ) روعي فيه لفظ قرية. (أَهْلَكْناهُمْ) بأنواع العذاب ، روعي فيه معنى (قَرْيَةٍ) الأولى. (فَلا ناصِرَ لَهُمْ) من إهلاكنا.
(بَيِّنَةٍ) حجة وبرهان ، وتشمل القرآن والحجج العقلية. (سُوءُ عَمَلِهِ) كالشرك والمعاصي. (وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) في عبادة الأوثان ، فلا شبهة دليل لهم في ذلك ، فضلا عن وجود حجة لديهم. والجواب عن قوله : (أَفَمَنْ كانَ) و (كَمَنْ زُيِّنَ) هو لا مماثلة بين المؤمنين وكفار مكة.