(حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي إن هؤلاء النساء الخيرات حور شديدات البياض ، وفي عيونهن حور ، أي واسعات الأعين ، مع صفاء البياض ، مخدرات محجبات مستورات في خيام الجنة المكونة من الدرّ المجوفة ، فلسن مترددات في الشوارع والطرقات. وقد وصفت نساء الجنتين هناك بأنهن (قاصِراتُ الطَّرْفِ) فهن أعلى منزلة من هؤلاء المذكورات في هذه الآية : (مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) لأنه لا شك أن التي قد قصرت طرفها بنفسها أفضل ممن قصرت ، وإن كان الجميع مخدرات. والعرب يمدحون ويؤثرون النساء الملازمات للبيوت ، لتوافر الصون ، فبأي نعم الله هذه ونحوها تكذبان؟!
(لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي لم يمسّهن ولم يجامعهن قبل ذلك أحد من الإنس والجن ، توفيرا للمتقين الخائفين ربّهم ، فبأي نعم الله تكذبان؟! وقد زاد في وصف نساء الجنتين السابقتين بقوله : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
(مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي وهم في الجنة متكئون مستندون على وسائد خضراء ، وبسط منقوشة بديعة فاخرة متقنة الصنع ، فبأي نعم الله تكذبان أيها الإنس والجن؟! وقد وصف الله مرافق الجنتين الأوليين بما هو أرفع وأولى من هذه الصفة ، فإنه تعالى قال هناك : (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ).
وختمت الصفات المتقدمة بقوله : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) فوصف أهلها بالإحسان وهو أعلى مراتب العبادة.
(تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) أي تقدس وتنزه الله صاحب العزة والعظمة والتكريم على ما أنعم به على عباده المخلصين ، فهو أهل أن يجل فلا يعصى ، وأن يكرم فيعبد ، ويشكر فلا يكفر ، وأن يذكر فلا ينسى.